| المعلم الأول (صلى الله عيه وسلّم) | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
نبض قلبي مشرف
عدد المساهمات : 349
| موضوع: المعلم الأول (صلى الله عيه وسلّم) مايو 11th 2011, 02:14 | |
| اولا:استمرار ا لمعلم في الإلقاء وعدم قطعه : يلجأ بعض الطلاب إلى أيقاف شرح المعلم لتوضيح نقطة غامضة ، أو إعادة لشرح مضى ، وقد يستجيب المعلم لهذا الطلب وقد لا يستجيب ، وفي استجابة المعلم عدة محاذير . أولاً : تقديم رغبة طالب واحد أو اثنين على حساب مجموعة كبيرة وهي الأغلبية . ثانياً : قطع الحديث بعضه عن بعض وكان حقه أن يكون متصلاً . ثالثاً :التشويش عل أذهان الطلاب بهذا القطع الطارئ . رابعاً : التشويش على المعلم نفسه وقطع تسلسل أفكاره . ومستندناً في ذلك ما رواه البخاري في صحيحه قال : 1- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : بينما النبي r في مجلس يحدث القوم جاءه أعرابي فقال : متى الساعة ؟ فمضى رسول الله r يحدث . فقال بعض القوم : سمع ما قال فكره ما قال ، وقال بعضهم : بل لم يسمع . حتى إذا قضى حديثه قال : أين أراه السائل عن الساعة ؟ قال ها أنا يا رسول الله . قال : " فإذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة " . تأمل هذا الحديث يتضح لك ما قلناه آنفاً ، وفيه زيادة أن الرسول r أجاب على سؤال السائل بعد فراغه من حديثه ، ونستنبط من هذا عدم قطع الحديث المتصل ، وإجابة السائل بعد الفراغ من الحديث المتصل . ج- السكوت أثناء الإلقاء ( الشرح ) للسكوت أثناء شرح المعلم فوائد يحسن بنا الوقوف عندها قليلاً فمنها : أنها تجذب انتباه الطلاب ، فكون المعلم يتكلم في موضوع معين ثم يسكت فجأة فإن هذا وبلا شك يستلزم انتباهاً من المستمع ، ومنها : أنها تسمح بتراد نفس المعلم وأخذ قسط قليل من الراحة ومنها : أنها تعطي المعلم فرصة لترتيب أفكاره وهي عملية ذهنية لا تستغرق سوى ثوان معدودة . ولعل الحديث الآتي يقرب ما قلناه آنفاً : عن أبي بكرة رضي الله عنه عن النبي r قال : " أي شهر هذا ؟ قلنا الله ورسوله أعلم . فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه ، قال : أليس ذا الحجة ؟ قلنا : بلى ، قال : فأي بلد هذا ؟ قلنا : الله ورسوله أعلم فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه ، قال : فأي يوم هذا ؟ قلنا : الله ورسوله أعلم . فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه . قال : أليس يوم النحر ؟ قلنا بلى . قال : فإن دماءكم وأموالكم – قال محمد وأحسبه قال : وأعراضكم – عليكم حرام ، كحرمة يومكم هذا ، في بلدكم هذا ، في شهركم هذا .. الحديث " فأنت ترى أثر هذا السكوت على الصحابة ، وكيف جذب حواسهم وانتباههم ، ولك أيها المعلم أن تستخدم هذه الطريقة أثناء شرحك ، بعد كل نقطة رئيسة للفصل بين النقاط ، وللتهيؤ لشرح النقطة التي تليها. يتبع............... | |
|
| |
نبض قلبي مشرف
عدد المساهمات : 349
| موضوع: رد: المعلم الأول (صلى الله عيه وسلّم) مايو 11th 2011, 02:14 | |
| ثانياً : الاتصال البصري : منه : أ - إدامة الاتصال النظري بين المعلم والمتعلم : إن المحافظة على الاتصال النظري بين المعلم وتلميذه ، مفيد جداً للمعلم وللمتعلم . فالمعلم يبقي طلابه تحت سيطرته من خلال متابعته لهم بنظره ، ومن ثم يلاحظ الغافل فينبهه ، والناعس فيوقظه ، والمتلاعب فيزجره .. إلخ . ولذا كان حري بالمعلم أن يوزع نظره على عموم طلابه حتى يعتقد كل طالب أنه المعني بالكلام ، ولا يغفل عن طلابه أثناء الشرح ، فإن بعض المعلمين يصوب بصره على جهة معينة أثناء تدريسه ، وهذا خطأ يؤدي إلى فقدانه السيطرة على طلابه ، ومن ثم يعطي الطالب الفرصة بالتشاغل عن الاستماع والإنصات للدرس . ويستحب أن يكون مكان المعلم مرتفعاً ولو قليلاً عن طلابه لتحصل المتابعة الجيدة من قبله ، ولكي يتسنى لكل طالب متابعة معلمه دون عناء أو مضايقة ممن حوله . وأما المتعلم فمن خلال رؤيته المستمرة وإدامته لنظره لمعلمه ، يحصل له فهم أقوى لما يطرح ويقال في الدرس ، لأن اشتراك حاستين وهما السمع والبصر أقوى في التلقي من الاقتصار على واحدة . ولنا أن نلمس السبب من جعل المنبر عالياً . ولقد كان منبرة r بارتفاع ثلاث درجات وهي كافية جداً في تبادل النظر بين الخطيب والمصلين .. يوضح ذلك : 1- عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : ( جاء رجل والنبي r يخطب الناس يوم الجمعة فقال : أصليت يافلان ؟ قال : لا . قال قم فاركع ) 2- وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال إن النبي r جلس ذات يوم على المنبر وجلسنا حوله) والجلوس حول الخطيب يقتضي النظر إليه ، وكذا الجلوس حول المعلم يقتضي النظر إليه . وهذا الحديث أورده البخاري في صحيحه وعقد عليه باباً بقوله : باب (يستقبل الإمام القوم ، واستقبال الناس الإمام إذا خطب) قال الحافظ ابن حجر معلقاً : ومن حكمة استقبالهم للإمام التهيؤ لسماع كلامه وسلوك الأدب معه في استماع كلامه ، فإذا استقبله بوجهه وأقبل عليه بجسده وبقلبه وحضور ذهنه كان أدعى لتفهم موعظته ومافقته فيما شرع له القيام لأجله . ب - استخدام تعابير الوجه : يغفل كثير من المعلمين عن توظيف هذه الطريقة في التعليم ، بل إنك لا تكاد تجد من يعمل بها ، إما لجهله بها أو لغفلته عنها . وهذه الطريقة تغني المعلم عن الإنكار باللسان ، أو ترديد عبارات الرضا والارتياح تجاه عمل معين أو قول معين ، وهذه الطريقة نافعة جداً مع فئة معينة من الناس ، فإن هناك من تؤثر فيه النظرة الحادة ، وهي كافية في زجرة وردعه ، وهناك من تؤثر فيه الابتسامة والبشاشة أكثر مما لو قلت له : أحسنت أو هذا جيد هكذا دون مشاركة تعابير الوجه التي تدل على الارتياح والرضا . وهناك من لا يؤثر فيه ذلك كله ، فيعامل كل بحسبه . ونبينا r كان يعرض الغضب في وجهه . 1- قالت عائشة – رضي الله عنها – دخل على رسول الله r وفي البيت قرام فيه صور. فتلون وجهه ، ثم تناول الستر فهتكه . وقالت قال النبي r : " من أشد الناس عذاباً يوم القيامة الذين يصورن هذه الصور " 2- ويروي أنس رضي الله عنه أن النبي r رأى نخامة في القبلة فشق ذلك عليه حتى رؤي في وجهه ، فقام فحكها بيده فقال : " إن أحدكم إذا قام في صلاته فإنه يناجي ربه – أو إن ربه بينه وبين القبلة – فلا يبزقن أحدكم قبل قبلته ، ولكن عن يساره أو تحت قدمه " ثم أخذ طرف ردائه فبصق فيه ، ثم رد بعضه على بعض فقال : " أو يفعل هكذا " وفي قوله : ( حتى رؤي في وجهه ) يقول الحافظ : أي شوهد في وجهه أثر المشقة ، وللنسائي ( فغضب حتى احمر وجهه ) وللمصنف .. ( فتغيظ على أهل المسجد ) أهـ . فهذه الألفاظ كلها تدل على أن هذا الغضب أحدث عند الصحابة علماً جازماً بأن هذا الفعل الذي غضب منه الرسول r منكراً ، ولو سكت النبي r ولم يزد على ذلك ، لكان كافياً في الإنكار والردع ، ولكنه عليه الصلاة والسلام بين سبب الغضب لأنه في مقام التبليغ والتعليم .. والله أعلم . | |
|
| |
نبض قلبي مشرف
عدد المساهمات : 349
| موضوع: رد: المعلم الأول (صلى الله عيه وسلّم) مايو 11th 2011, 02:14 | |
| أما التبسم : 3- فيقول جرير بن عبد الله البجلي : ما حجبني النبي r منذ أسلمت ولا رآني إلا تبسم في وجهي ولا يخفى أثر ذلك الابتسام على جرير بن عبد الله رضي الله عنه وأرضاه . الخلاصة: مراعاة القصد في الكلام _ أثناء الشرح – والترسل فيه ، والتوسط ، لا سريع مفرط ، ولا بطيء مخل الغاية من التوسط في الكلام وعد السرد السريع ، هو ضمان وصول المعلومات إلى ذهن الطالب بعيداً عن الإثارة والتشويش . تكلف الكلام خصلة ذميمة شرعاً وحساً وعقلاً . تكلف الكلام والإتيان بغرائبه ، يوجب النفرة بين المعلم والمتعلم . رفع الصوت أثناء التعليم ، وسيلة جيدة في جذب انتباه السامعين وفي الإنكار . قطع الشرح يسبب إرباكاً للطلاب ، ويفسد على المعلم تسلسل أفكاره ورط بعضها ببعض . على المعلم أن يطلب من طلابه أن يؤخروا أسئلتهم إلى أن يفرغ من الشرح . السكوت أثناء الشرح له فوائد منها : جذب انتباه الطلاب ، وتراد نفس المعلم ، وترتيب الأفكار . تبادل النظر بين المعلم والمتعلم ، عامل هام في سيطرة المعلم على طلابه ، وفي فهم المتعلم لما يلقى إليه من مسائل وعلوم . توظيف تعابير الوجه في التعليم ، يساعد المعلم في تحقيق أغراضه . مراعاة اختلاف الطلاب ، ومقدار تأثرهم بهذه الانفعالات ، فإن بعضهم لا تجدي معه مثل هذه التعابير الظاهرة . ^!^!^ ]3[ الأسلوب العملي في التعليم لا شك أن عرض المادة وتقديمها عن طريق الإلقاء ، وسيلة جيدة في التحصيل والتعلم ، ولكن هذه الوسيلة تبلغ ذروتها إذا أنضاف إليها وسيلة أخرى ، وهي الأسلوب العملي ، فإذا اشترك الأسلوب النظري مع الأسلوب العملي في آن واحد أثناء التعليم ، كان ذلك عاملاً قوياً في ترسيخ المعلومات في ذهن الطالب ، ومثبت لها من النسيان . والأسلوب العملي قد يكون من جهة المعلم ، وقد يكون من جهة المتعلم ، أي أن الفعل قد يكون من المعلم ، وقد يكون من المتعلم ، وإليك بسطاً لكل منهما : | |
|
| |
نبض قلبي مشرف
عدد المساهمات : 349
| موضوع: رد: المعلم الأول (صلى الله عيه وسلّم) مايو 11th 2011, 02:15 | |
| أ - الأسلوب العملي من قبل المعلم : 1- حديث سهل بن سعد ( وفيه صلاة النبي r على المنبر ) قال : .. ( ثم رأيت رسول الله r صلى عليها وكبر وهو عليها ، ثم ركع وهو عليها ، ثم نزل القهقرى ، فسجد في أصل المنبر ، ثم عاد ، فلما فرغ أقبل على الناس فقال : أيها الناس : إنما صنعت هذا لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي ) 2- عن أنس رضي الله عنه أن النبي r رأي نخامة في القبلة فشق ذلك عليه حتى رؤي في وجهه ، فقام فحكه بيده فقال : " إن أحدكم إذا قام في صلاته فإنه يناجي ربه – أو إن ربه بينه وبين القبلة – فلا يبزقن أحدكم قبل قبلته ، ولكن عن يساره أو تحت قدمه " ثم أخذ طرف ردائه فبصق فيه ، ثم رد بعضه على بعض فقال : ( أو يفعل هكذا ) قال الحافظ عند قوله : ( ثم أخذ طرف ردائه .. الخ ) فيه البيان بالفعل ليكون أوقع في نفس السامع . 3- ومثله الحديث الذي رواه البخاري ، وفيه أن عثمان بن عفان رضي الله عنه توضأ ثم قال : قال رسول الله r ( من توضأ نحو وضوئي هذا ، ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه ، غفر له ما تقدم من ذنبه ) قال ابن حجر : وفي الحديث التعليم بالفعل لكونه أبلغ وأضبط للمتعلم ومثله قوله عليه الصلاة والسلام في الحج ( خذوا عني مناسككم ) والأمثلة كثيرة في هذا الباب ، وفيما سبق غنية عن الإطالة . فعلى المعلم أن يعتني بهذا الأسلوب فإنه ناجع ومفيد . وزيادة على ما مضى فإن هذا الأسلوب يختصر المسافة على المعلم في ضرب الأمثلة ، ويوفر الوقت والجهد ، فبدلاً من أن يحفظهم صفة الوضوء – مثلاً – ويستهلك وقتاً طويلاً في تعليمهم ، يكفيه أن يحض الماء ويطبقه عملياً أمامهم ثم يجعلهم يفعلون ذلك عملياً بتطبيق ما شاهدوه من معلمهم على أنفسهم . وكذلك الأمر في تعليم الصلاة ونحوها . وعلى المعلم أن يتذكر أن استخدام الأسلوب العملي في التعليم لا يتأتى لكل مادة علمية ، ولكن عليه أن يبذل جهده في استخدام هذا الأسلوب أثناء أداءه لمهمته التعليمية ، فإنه مجرب ومفيد في حفظ المعلومات واستدامتها في الذهن . ب - الأسلوب العملي من قبل المتعلم : 1- عن أبي هريرة رضي الله عنه ( أن النبي r دخل المسجد فدخل رجل فصلى ، ثم جاء فسلم على النبي r ، فرد النبي r عليه السلام قال : ارجع فصل فإنك لم تصل ، فرجع الرجل فصلى كما كان صلى . ثم جاء إلى النبي فسلم عليه . فقال رسول الله r ( وعليك السلام ) ثم قال : ارجع فصل فإنك لم تصل ) حتى فعل ذلك ثلاث مرات . فقال الرجل : والذي بعثك بالحق ! ما أحسن غير هذا . علمني . قال : ( إذا قمت إلى الصلاة فكبر . ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن . ثم اركع حتى تطمئن راكعاً . ثم ارفع حتى تعتدل قائماً . ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً . ثم ارفع حتى تطمئن جالساً . ثم افعل ذلك في صلاتك كلها ) فهذا الحديث فيه تعليم الرسول r ، لذلك الذي أساء في صلاته ولم يحسن فيها ، بأسلوب عملي يجعل المتعلم يكتشف الخطأ الذي وقع فيه بنفسه ، وذلك يتبين من رد النبي r ، لذلك المصلي ثلاث مرات ، لعله يكتشف سبب أمر النبي r له بإعادة الصلاة . يقول القاضي عياض : فإن قيل لم سكت النبي r عن تعليمه أولاً حتى افتقر الى المراجعة كرة بعد أخرى ، قلنا لأن الرجل لما لم يستكشف الحال مغتراً بما عنده سكت عن تعليمه زجراً له وإرشاداً إلى أنه ينبغي له أن يستكشف ما استبهم عليه ، فلما طلب كشف الحال بينه بحسن المقال .. وقال ابن دقيق العيد : لا شك في زيادة قبول المتعلم لما يلقى إليه بعد تكرار فعله واستجماع نفسه وتوجه سؤاله مصلحة مانعة من وجود المبادرة إلى التعليم لا سيما مع عدم الخوف وقال النووي : وإنما لم يعلمه أولاً ليكون أبلغ في تعريفه وتعريف غيره بصفة الصلاة المجزئة . 2- عن أنس بن مالك ، أن رجلاً سأل النبي r عن وقت صلاة الفجر ، فقال : صلها معنا غداً ، فصلاها النبي r بغلس ، فلما كان اليوم الثاني أخر حتى أسفر ، ثم قال : أين السائل عن وقت الصلاة ؟ فقال الرجل : أنا يانبي الله فقال النبي r : أليس قد حضرتها معنا أمس واليوم ؟ قال : بلى . قال : فما بينهما وقت " . قال ابن عبدالبر . وقد يكون البيان بالفعل أثبت أحياناً فيما فيه عمل من القول ، وقد قال r : " ليس الخبر كالمعاينة " . الخلاصة: الجمع بين الأسلوب النظري والأسلوب العملي في التعليم ، من الوسائل النافعة في التربية والتعليم . هذه الطريقة تختصر الطريق على المعلم ، وتوفر الوقت والجهد . إشراك الطلاب في التطبيق العملي ، لكي تتم الفائدة . على المعلم أن يجعل طلابه يكتشفون الخطأ بأنفسهم ، كأن يعيد المعلم كراسة الواجبات إلى الطالب بدون تصحيح لكي يعيد النظر فيها ويكتشف الخطأ بنفسه . ممارسة الشيء وتطبيقه ، عامل قوي في حفظ المعلومة وصيانتها عن النسيان . | |
|
| |
نبض قلبي مشرف
عدد المساهمات : 349
| موضوع: رد: المعلم الأول (صلى الله عيه وسلّم) مايو 11th 2011, 02:15 | |
| 4 عرض المادة العلمية بأسلوب يناسب عقل الطالب وفهمه تختلف العقول والمدارك ، من شخص لآخر ، ومن جماعة لأخرى ، وذلك أمر بين وواضح ، ويدلك على ذلك أن الطلاب في الفصل الواحد يختلفون في سرعة الاستجابة لأسئلة المطروحة ، وفي الفهم ، ولعل حديث أبي سعيد الخدري المروي في الصحيحين وغيرهما يجلي لنا الأمر : عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : إن رسول الله r جلس على المنبر فقال : عبد خيره الله بين أن يؤتيه زهرة الحياة الدنيا وبين ما عنده ، فاختار ما عنده . فبكى أبوبكر فقال : فديناك بآبائنا وأمهاتنا . قال فكان رسول الله r هو المخير ، وكان أبوبكر هو أعلمنا به .. الحديث . قال النووي : وكان أبوبكر رضي الله عنه علم أن النبي r هو العبد المخير فبكى حزناً على فراقه وانقطاع الوحي وغيره من الخير دائماً ، وإنما قال r إن عبداً وأبهمه لينظر فهم أهل المعرفة ونباهة أصحاب الحذق . أهـ . وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : نعم . كان أبوبكر الصديق رضي الله عنه أقرب الناس إلى رسول الله ، وأولاهم به ، وأعلمهم بمراده لما يسألونه عنه فكان النبي يتكلم بالكلام العربي الذي يفهمه الصحابة رضي الله عنهم ويزداد الصديق بفهم أخر يوافق ما فهمهوه ، ويزيد عليهم ولا يخالفه . أهـ ثم إن المقدرة على إيصال المعلومات إلى ذهن الطالب ، تختلف قوة وضعفاً من ووسيلة لأخرى ، ومن هذه الوسائل ، طريقة الشرح ، شرح المادة المراد تدريسها ، وهذه الطريقة تعد من أفضل الطرق في الإفصاح والكشف عن مراد المعلم ، ولذا كان من المهم جداً أن يعرف المعلم مستوى طلابه العقلي ، لأن ذلك يساعد على تحديد أسلوبه في عرض المواد العلمية ، وتلخيصها بما يوفق عقولهم ومداركهم . ويوضح ذلك الآثار التالية : عن عائشة رضي الله عنها قال : ( سألت النبي r عن الجدر أمن البيت هو ؟ قال : نعم . قلت : فما لهم لم يدخلوه في البيت ؟ قال : إن قومك قصرت بهم النفقة . قلت : فما شأن بابه مرتفعاً ؟ قال : فعل ذلك قومك ليدخلوا من شاءوا ويمنعوا من شاءوا ، ولولا أن قومك حديث عهدهم بالجاهلية فأخاف أن تنكر قلوبهم أن أدخل الجدر في البيت وأن ألصق بابه في الأرض ) فالنبي r ترك بناء الكعبة على أساسها الذي بناها عليه إبراهيم عليه السلام ، من أجل الأمن من الوقوع في المفسدة ، والمفسدة هي : 0 أن قريشاً كانت تعظم أمر الكعبة جداً فخشي r أن يظنوا لأجل قرب عهدهم بالإسلام أنه غير بناءها لينفرد بالفخر عليهم في ذلك ) فانظر رعاك الله كيف ترك النبي r أمراً عظيماً كهذا ، خشية أن تقصر أفهامهم عن إدراك الأمر على وجهه . ولكي نزيد الأمر وضوحاً ، هاك مثالين من تلاميذ محمد r : الأول : مارواه البخاري في صحيحه عن على بن أبي طالب رضي الله عنه قال : حدثوا الناس بما يعرفون ، أتحبون أن يكذب الله ورسوله ؟ . والثاني : ما رواه مسلم ، عن عبد الله بن مسعود قال : ( ما أنت محدثاً قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة ) فهذان الأثران يوضحان لنا أثر مخاطبة الناس بالأحاديث التي لا تحتملها عقولهم ، حتى ولو كانت تلك الأحاديث المحدث بها صحيحة ثابتة عن رسول الله r فإنه لما كانت عقولهم تقصر عن فهمها وإدراك حقائقها جاء النهي عن ذلك لكي لا يحدث لهم فتنة . والمعلمون لهم نصيب من ذلك ، وعليهم عبء كبير ، إذ إن على المعلم أن يجتهد في تبسيط المسائل ، وصياغة الألفاظ بعبارات واضحة مفهومة تناسب مستوى طلابه ، كي لا يقعوا في حيرة من أمرهم ، ولكي لا يصعب العلم عليهم . قال الغزالي في الإحياء : الوظيفة السادسة : أن يقتصر بالمتعلم على قدر فهمه فلا يلقى مالا يبلغه عقله فينفره أو يخبط عليه عقله اقتداء في ذلك بسيد البشر r حيث قال : ( نحن معشر الأنبياء أمرنا أن ننزل الناس منازلهم ونكلمهم على قدر عقولهم ) فليبث إليه الحقيقة إذا علم أنه يستقل بفهمها .. | |
|
| |
نبض قلبي مشرف
عدد المساهمات : 349
| موضوع: رد: المعلم الأول (صلى الله عيه وسلّم) مايو 11th 2011, 02:16 | |
| وروى الحاكم في تاريخ بإسناده عن أبي قدامة عن النضر بن شميل قال سئل الخليل عن مسألة فأبطأ الجواب فيها قال فقلت ما في هذه المسألة كل هذا النظر ، قال : فرغت من المسألة وجوابها ولكني أريد أن أجيبك جواباً يكون أسرع إلى فهمك ، قال أبو بدامة فحدثت به أبا عبيد فسر به . وفي تاريخ عبد الله بن جعفر السرخسي أبي محمد الفقيه أخبرني محمد بن حامد حدثنا عبدالله بن أحمد سمعت الربيع سمعت الشافعي يقول : لو أن محمد بن الحسن كان يكلمنا على قدر عقله ما فهمنا عنه ولكنه كان يكلمنا على قدر عقولنا فنفهمه . الخلاصة: اختلاف عقول وأفهام الطلاب من شخص لآخر ، ومن جماعة لأخرى . براعة المعلم تكمن في قدرته على إيصال المعلومة للطالب كما ينبغي ، وليست في حشد النصوص والأدلة ، وكثرة المسائل . تقدير المستوى العقلي للطلاب ، ومن ثم تعليمهم وتدريسهم على هذا الأساس . أن تكليف عقل الطالب ما لا يحتمله ، وتحميله فوق طاقته ، لا يزيد الطالب إلا حيرة وجهلاً . ^!^!^ ]5[ أسلوب المحاورة والإقناع العقلي تختلف عقول الناس ومداركهم من حيث الفهم ، وسرعة الاستجابة . ويختلف الناس أيضاً من حيث الانقياد والتسليم لشرع الله أمره ونهيه ، فمنهم من لا يقنع بالدليل إلا إذا ظهرت له الحكمة من ذلك التشريع ، ومنهم من يكفيه الدليل ويقف عنده . والتلاميذ عموماً فيهم من ذلك الشيء الكثير ، فمنهم من لا ترضيه بعض القواعد والأسس التي اصطلح عليها العلماء إلا إذا تبين له وجه الحكمة من ذلك . ومنهم من لا يحصل له الفهم الكامل إلا بعد أن تختصر له هذه القاعدة أو هذه المسألة ، وتعرضها عليه بأسلوب الحوار والإقناع . ولعلنا نجلي ما سبق بما يلحق : 1- أخرج الإمام أحمد عن أبي أمامة قال : إن شاباً أتى النبي r فقال : يارسول الله ائذن لي بالزنا ، فأقبل القوم عليه فزجروه وقالوا : مه مه! فقال : ادنه ، فدنا منه قريباً قال : فجلس ، قال : أتحبه لأمك ؟ قال : لا والله جعلني فداءك ، قال : ولا الناس يحبونه لأمهاتهم ، قال : أفتحبه لابنتك ؟ قال : لا والله جعلني فداءك ، قال : ولا الناس يحبونه لبناتهم ، قال : أفتحبه لأختك ؟ قال : لا والله جعلني فداءك ، قال : ولا الناس يحبونه لأخواتهم ، قال أفتحبه لعمتك ؟ قال لا والله جعلني الله فداءك ، قال : ولا الناس يحبونه لعماتهم ، قال : أفتحبه لخالتك ؟ قال : لا والله جعلني الله فداءك ، قال : ولا الناس يحبونه لخالاتهم ، قال : فوضع يده عليه وقال : اللهم اغفر ذنبه وطهر قلبه وحصن فرجه فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء . ففي هذا الحديث نلمس عظمة الرسول r ، وحسن تعليمه وتعامله في هذا الموقف . فهذا شاب يعلم ماذا يعني ( الزنا ) ولذلك قال يا رسول الله ائذن لي بالزنا! ولا يخفى موقف الصحابة وغيرتهم الشديدة على دين الله رضي الله عنهم وأرضاهم ، ولكن الرسول r لم يعامل ذلك الشاب بالزجر كما فعل الصحابة رضوان الله عليهم ، ولا قال له إن الله حرم الزنا ورتب على ذلك وعيداً شديداً ، كل ذلك لم يفعله r لأن هذه الأمور مستقرة لدى الشاب ومعلومة لديه . إذاً ، كان العلاج النبوي بالمحاورة والإقناع العقلي هو أنجح وسيلة لمثل هذه الحالة ، فتأمل هذه الوسيلة في التعليم يتبين لك عظمة المعلم الأول r 2- أورد البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً أتى النبي r فقال يا رسول الله ولد لي غلام أسود ، فقال هل لك من إبل ؟ قال نعم ، قال ما ألوانها ؟ قال حمر قال : هل فيها من أورق ؟ قال نعم ، قال فأنى ذلك ؟ قال نزعه عرق قال : فلعل ابنك هذا نزعه . فهذا الرجل أو الأعرابي جاء سائلاً مستفتياً مستنكراً أن يأتيه ولد أسود على خلاف لونه ولون أمه ، فبين له الرسول r بأسلوب عقلي سهل وميسور ، وحاوره وضرب له مثالاً من بعض ما يملكه هذا الأعرابي ليكون أقرب إلى فهمه ، حيث سأله عن إبله وهل يأتي منها ما هو مخالف لأبويه في الشكل والصفة ، فقال نعم : عندئذ أخبره النبي r أن ذلك حاصل في البشر أيضاً . فانظر رعاك الله كيف حاوره النبي r وقرره بأسلوب عقلي بسيط وواضح . ولقد كان من الممكن أن يخبره النبي r أن هذا ابنه ، وهذا بحد ذاته كاف ، لأنه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ، ولكن لما علم الرسول r حال الأعرابي وجهله ، أراد أن يبين له الأمر حتى تطمئن نفسه ويرتاح فؤاده ، ولعل النبي r أراد بهذا التقرير أن يكون ذلك حكماً عاماً لذلك الأعرابي ولمن خلفه والله أعلم . 3- عن ابن عباس أن امرأة جاءت إلى النبي r فقالت إن أمي نذرت أن تحج فماتت قبل أن تحج ، أفأحج عنها ؟ قال : نعم ، حجي عنها ، أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته ؟ قالت : نعم . قال : فاقضوا الذي له : فإن الله أحق بالقضاء . | |
|
| |
نبض قلبي مشرف
عدد المساهمات : 349
| موضوع: رد: المعلم الأول (صلى الله عيه وسلّم) مايو 11th 2011, 02:16 | |
| الخلاصة: استخدام الأسلوب العقلي في الإقناع وسيلة جيدة تضمن وصول المعلومة إلى ذهن السامع ، على ما أراده المتحدث . مراعاة البساطة في المحاورة العقلية ، وإشراك التلميذ في المحاورة لكي يحصل التفاعل . تقريب ( المحاورة العقلية ) إلى أدنى شيء ممكن أن يحسه أو يعقله التلميذ ، كقصة الأعرابي الذي جاءه ولد أسود ، فضرب له الرسول r مثالاً من أقرب الأشياء إليه وهي إبله . مراعاة حال السامع ، وهل هو ممن تؤثر فيه الأدلة العقلية أم لا . ^!^!^ ]6[ التعليم عن طريق القصص القصة لها قدرة عظيمة في جذب النفوس ، وحشد الحواس كلها للقاص . وذلك لأن القصة بطبعها محببة إلى النفس البشرية ، لما فيها من ذكر أخبار الماضين ، وذكر الوقائع ، والنوادر وغير ذلك ، أضف إلى ذلك أن القصة من شأنها أنها تعلق بالذهن ولا تكاد تنسى وهذا أمر واضح للعيان يعلمه كل أحد . ولذا فقد اعتنى القرآن الكريم بذكر القصص في القرآن لما فيها من تسلية النفس ، وتقوية العزائم ، وأخذ العبر والاتعاظ ومعرفة أخبار الماضين ، وحفظ الأحداث . وغيرها كثير ، والقرآن الكريم لم يعرض هذه القصص لمجرد التسلية فقط ، لا . بل إن المتأمل لهذه القصص يجد بين طياتها وبين ثناياها تقرير مسائل التوحيد ، وكذلك بيان حكم الله الباهرة وسننه في عباده التي لا تتبدل ولا تتغير ، وقد يوجد في بعض منها بيان أحكام فقهية كقوله تعالى في قصة يوسف ( ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم ) والأحكام الفقهية التي نأخذها من هذه الآية هما : الجعالة والكفالة وقوله تعالى : ( ولمن جاء به حمل بعير ) أي : أجرة له على وجدانه . وقوله : ( وأنا به زعيم ) أي : كفيل ، وهذا بقوله المتفقد . فمن هذا يعلم أن القصص لها دور كبير في تعليم الناس وتربيتهم ، ولقد كان رسولنا عليه الصلاة والسلام يقص على صحابته رضوان الله عليهم القصص ليثبتهم وليعلمهم وليربيهم إلى غير ذلك من المعاني فمن ذلك : 1- أن خباباً رضي الله عنه جاء إلى رسول الله r يشكو أذى قريش وكان ذلك في أول الدعوة بمكة . يقول خباب رضي الله عنه : شكونا إلى رسول الله r ، وهو متوسد ببرده له في ظل الكعبة فقلنا ألا تسنصر لنا ، ألا تدعو لنا ، فقال : ( لقد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين ويمشط بأمشاط من الحديد ما دون لحمه وعظمه ، فما يصده ذلك عن دينه ، والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف الله والذئب على غنمه ، ولكنكم تستعجلون ) فهذه القصة التي ساقها الرسول r فيها من الحكم والعبر لا يعلمها إلا من أعطاها حقها من التأمل ، ففيها أن الابتلاء بالتعذيب وغيره لأهل التوحيد سنة ماضية ، وفيها ثبات من كان قبلنا على الحق لا يصده عن دينه شيء ولو كان الثمن حياته ، وفيها إخبار بالغيب عندما أخبر عن ظهور هذا الدين ، وفيها بيان فضيلة الصبر وذم الاستعجال بقوله : ( ولكنكم تستعجلون ) . والقصص في السنة كثيرة ولولا الإطالة لسقت بعضاً منها ولكن أكتفي بإشارات إليها ، فمنها قصة الثلاثة (الأعمى ، والأبرص ، والأقرع ) الذين أتاهم الملك . وقصة الثلاثة الذين لجئوا إلى الغار فانطبقت عليهم الصخرة . وقصة نبي الله موسى عليه السلام مع الخضر ، وغيرها كثير . | |
|
| |
نبض قلبي مشرف
عدد المساهمات : 349
| موضوع: رد: المعلم الأول (صلى الله عيه وسلّم) مايو 11th 2011, 02:17 | |
| وعلى المعلم .. أن لا يكون همه سرد القصص فقط ، بل عليه بيان مواضع العبر منها ، وبيان الفوائد المستنبطة من القصة ، وبيان الأحكام الواردة فيها إن كان فيها أحكام .. إلخ . الخلاصة: القصص تألفها النفوس ، ولها تأثير عجيب في جذب انتباه السامع وحفظ أحداث القصة بسرعة . القصة لم توضع للتسلية المجردة فقط بل للاعتبار والاتعاظ والتعلم . القصص لها أثرها البالغ في التأثير على سلوكيات الطلاب ، خصوصاً إذا كانت القصة واقعية وتعالج قضايا هامة . القصة وسيلة قوية للتعليم فيجب الاعتناء بها ، وإعطاؤها قدراً كبيراً من الاهتمام . ^!^!^ ]7[ ضرب الأمثال أثناء التعليم يحتاج المعلم والمربي إلى وسيلة تقرب المسألة المعقدة أو المعضلة إلى الأذهان ، أو توضح الفكرة الصعبة . وبأسلوب آخر فإن المعلم قد تواجهه بعض الصعوبات في إيصال المعلومات إلى ذهن السامع ، فيحتاج إلى وسيلة أخرى مساعدة تحل هذا الإشكال ، وتفتح المجال أمام ذهن الطالب فيتعلم المسألة الصعبة بسهولة ويسر. والمثل لغة : صيغة المثل وما يشتق منها تفيد التصوير والتوضيح ، والظهور والحضور والتأثير . فالمثل هو الشيء المضروب الممثل به الذي تتضح به المعاني وهو صفة الشيء أيضاً . والقرآن الكريم حافل بذكر الأمثال ، وهي كثيرة جداً : فمن ذلك قوله تعالى : ( ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض مالها من قرار ) عن ابن عباس في قوله : (ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة ) ( يعني بالشجرة الطيبة المؤمن ويعني بالأصل الثابت في الأرض والفرع في السماء يكون المؤمن يعمل في الأرض ، ويتكلم فيبلغ قوله وعمله السماء وهو في الأرض ) وفي قوله تعالى في الآية السابقة ( ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون ) يقول الشوكاني : وفي ضرب الأمثال زيادة تذكير وتفهيم وتصوير للمعاني . ويقول ابن سعدي : فإن في ضرب الأمثال ، تقريباً للمعاني المعقولة ، من الأمثال المحسوسة ، ويتبين المعنى الذي أراده الله ، غاية البيان ، ويتضح ، غاية الوضوح ، وهذا من رحمته ، وحسن تعليمه . فلله أتم الحمد وأكمله وأعمه . ويقول أبو بكر الجزائري : بعد هذه الآية ، من هداية الآيات : استحسان ضرب الأمثال لتقريب المعاني إلى الأذهان . والمعلم الأول r ، كان يضرب الأمثال كثيراً في أحاديثه وأقواله ، لعلمه r ما في الأمثال من قدرة على تقريب المعنى وبيان المقصود ، فمن ذلك : 1- ما جاء في الصحيحين من حديث أبي موسى الأشعري عن النبي r قال : ( مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة طعمها طيب وريحها طيب ، مثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة طعمها طيب ولا ريح لها ، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر ، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ليس لها ريح وطعمها مر ) فانظر أخي المبارك إلى هذا التفصيل ما أروعه ، ثم تأمل أثر التمثيل في بيان حقيقة المؤمن والمنافق الذي يقرأ القرآن والذي لا يقرأ القرآن . 2- عن النواس بن سمعان الأنصاري عن رسول الله r قال :ضرب الله مثلاً صراطاً مستقيماً وعلى جنبتي الصراط سوران فيهما أبواب مفتحة وعلى الأبواب ستور مرخاة ، وعلى باب الصراط داع يقول : أيها الناس ادخلوا الصراط جميعاً ولا تنفرجوا ، وداع يدعو من جوف الصراط ، فإذا أراد يفتح شيئاً من تلك الأبواب قال : ويحك لا تفتحه فإنك إن تفتحه تلجه . والصراط الإسلام والسوران حدود الله تعالى ، والأبواب المفتحة محارم الله تعالى وذلك الداعي على رأس الصراط كتاب الله عز وجل والداعي فوق الصراط واعظ الله في قلب كل مسلم . 3- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله r قال : ( إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتاً فأحسنه وأجمله ، إلا موضع لبنة من زاوية ، فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون : هلا وضعت هذه اللبنة ؟ قال : فأنا اللبنة ، وأنا خاتم النبيين ) قال ابن حجر : فكأنه شبه الأنبياء وما بعثوا به من إرشاد الناس ببيت أسست قواعده ورفع بنيانه وبقي منه موضع به يتم صلاح ذلك البيت .. ثم قال : وفي الحديث ضرب الله الأمثال للتقريب للأفهام وفضل النبي r على سائر النبيين ، وأن الله ختم به المرسلين ، وأكمل به شرائع الدين . | |
|
| |
نبض قلبي مشرف
عدد المساهمات : 349
| موضوع: رد: المعلم الأول (صلى الله عيه وسلّم) مايو 11th 2011, 02:17 | |
| الخلاصة: ضرب الأمثال وسيلة جيدة في تقريب المعاني والأفكار يلجأ المعلم لضرب المثل عندما تصعب مسألة ما على الأذهان ، فيعمد إلى المثل لتبسيطها وتقريبها للفهم . يتوقف مدى الفائدة من ضرب المثال على براعة المعلم في تصوير المثال لكي يطابق الفكرة التي يريد إيضاحها . ^!^!^ ]8[ أسلوب التشويق في التعليم أسلوب التشويق : هو أسلوب أو طريقة من الطرق تبعث على إيقاظ الهمم ،وإذكاء النفوس ، إذ إن النفس البشرية تتطلع إلى استكشاف كل جديد ، بل إن إثارة المتعلم وتشويقه ، تجعله يبحث ويستقصي بلهف شديد ، ورغبة شديدة ، في معرفة ذلك الشيء المشوق . يوضح ذلك الحديث الذي يرويه أبو سعيد المعلي رضي الله عنه : 1- قال : ( كنت أصلي في المسجد فدعاني رسول الله r فلم أجبه ، فقلت : يا رسول الله إني كنت أصلي ، فقال : ألم يقل الله : ( استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم ) ؟ ثم قال لي : لأعلمنك سورة هي أعظم السور في القرآن قبل أن تخرج من المسجد ثم أخذ بيدي ، فلما أراد أن يخرج قلت له : ألم تقل لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن ؟ قال : ( الحمد لله رب العالمين ) هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته . في هذا الحديث يظهر لنا جلياً شوق ذلك الصحابي إلى معرفة أعظم سورة في القرآن ، حيث أنه لم يصبر ولم يمهل الرسول حتى يخرج بل بادره بقوله : ألم تقل لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن ؟ ) . 2- ومثله الحديث الذي عند مسلم ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله r : ( احشدوا ( أي اجتمعوا ) فأني سأقرأ عليكم ثلث القرآن ) فحشد من حشد . ثم خرج نبي الله r فقرأ : قل هو الله أحد . ثم دخل فقال : بعضنا لبعض : إني أرى هذا خبر جاءه من السماء . فذاك الذي أدخله . ثم خرج نبي الله r فقال : ( إني قلت لكم : سأقرأ عليكم ثلث القرآن . ألا إنها تعدل ثلث القرآن ) . ألا إن قول الرسول r وفعله ، كان له أثر كبير في تشوقهم ، لسماع ثلث القرآن منه r ففي هذه القصة فوائد منها دلالة واضحة على فضل قراءة سورة الإخلاص ، ومنها تلهف الصحابة لسماع ثلث القرآن من في رسول الله r ، ومنها أن قوله ( احشدوا ) ثم دخوله وخروجه مرة أخرى يلزم منه رسوخ هذه القصة بأحداثها عند الصحابة وحفظهم لها . 3- روى الإمام أحمد : عن أنس قال : كنا جلوساً مع رسول الله r فقال : ( يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة ) فطلع رجل من الأنصار تنطف لحيته من وضوئه قد علق نعليه بيده الشمال فلما كان الغد قال رسول الله مثل ذلك فطلع الرجل مثل المرة الأولى ، فلما كان اليوم الثالث قال رسول الله r مثل مقالته أيضاً فطلع ذلك الرجل على مثل حاله الأولى ، فلما قام رسول الله r تبعه عبد الله بن عمرو بن العاص فقال : إني لا حيت أبي فأقسمت أني لا أدخل عليه ثلاثاً فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى تمضي فعلت قال : ( نعم ) قال أنس فكان عبد الله يحدث أنه بات معه تلك الليالي الثلاث فلم يره يقوم من الليل شيئاً غير أنه إذا تعار وتقلب على فراشه ذكر الله وكبر حتى يقوم لصلاة الفجر قال عبد الله غير أني لم أسمعه يقول إلا خيراً ، فلما مضت الليالي الثلاث وكدت أحتقر عمله قلت يا عبد لله لم يكن بيني وبين أبي غضب ولا هجرة ولكن سمعت رسول الله r يقول لك ثلاث مرات ( يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة ) فطلعت أنت في الثلاث المرات فأردت أن آوي إليك لأنظر ما عملك فأقتدي به فلم أرك تعمل كبير عمل فما الذي بلغ بك ما قاله رسول الله r ، قال : هو ما رأيت ، فلما وليت دعاني فقال : ما هو إلا ما رأيت غير أني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشاً ولا أحسد أحداً على خير أعطاه الله إياه . قال عبد الله فهذه التي بلغت بك وهي التي لا تطاق . وفي هذه القصة كان الدافع الذي حدا بعبد الله بن عمرو بن العاص إلى أن يقول ما يقول لذلك الصحابي ، لكي يعلم السبب الذي من أجله كان الرسول r يقول ثلاث مرات : 0 يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة ) ، و لا يخفى ما في هذه القصة من أسلوب إثارة وتشويق وهو بين ظاهر . | |
|
| |
نبض قلبي مشرف
عدد المساهمات : 349
| موضوع: رد: المعلم الأول (صلى الله عيه وسلّم) مايو 11th 2011, 02:18 | |
| الخلاصة: إن استخدام أسلوب التشويق والإثارة ، من أقوى الدوافع على التعلم والبحث والاستقصاء . يجب أن يضع المعلم في اعتباره ، أن العبارات المستخدمة في هذا الأسلوب ، يجب أن تؤدي إلى معنى تهواه وتستشرف إليه النفس . كقوله r : ( لأعلمنك أعظم سورة في القرآن قبل أن تخرج من المسجد ) ، وقوله : ( احشدوا فإني سأقرأ عليكم ثلث القرآن ) وقوله : ( يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة ) ثلاث مرات . كلما كان أسلوب التشويق قوياً ، كلما كانت الدوافع أقوى . ^!^!^ ]8[ استخدام الإيماءات ( حركات اليدين والرأس ) في التعليم لا ينفك المعلم بحال من الأحوال عن إيماءات اليدين والرأس ، أثناء ممارسته للتعليم ، فهي ملازمة للمتحدث أياً كان نوع الحديث . ولكن هل من سبيل إلى توظيف هذه الحركات والإيماءات لصالح التعليم ؟ الجواب . نعم . وإن سألتني كيف ذلك ؟ قلت لك : تابع معي السطور التالية : إن عين التلميذ تتابع حركات المعلم وسكناته ، ولذلك فهو يتأثر بالانفعالات التي يحدثها المعلم ، إذاً فهو يتأثر بحركة اليدين والرأس . والمعلم قد يستفيد من هذه الحركات والإشارات في أمور عدة : أحدها : زيادة بيان وإيضاح وتأكيد على الكلام : نأخذ هذه من حديث جابر رضي الله عنه ، في سياق حجة النبي r وفيه : 1- أن الرسول r أمر أصحابه ، أن لمن لم يسق الهدي أن يحل من إحرامه بعد طوافه بين الصف والمروة ويجعلها عمرة وقال : ( لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي . وجعلتها عمرة . فمن كان منكم ليس معه هدي فليحل . وليجعلها عمرة ) فقام سراقة بن مالك بن جشم فقال : يا رسول الله ! ألعامنا هذا أم لأبد ؟ فشبك رسول الله r أصابعه واحدة في الأخرى . وقال : ( دخلت العمرة في الحج ) مرتين ( لا بل لأبد الأبد ) ووجه الدلالة هنا أن الرسول r شبك بين أصابعه ليبين ويؤكد على أن هذا الحكم مستمر للأبد ، ولا يخفى ما في هذه الحركة من معان قوية ، تزيد الكلام تأكيداً ، وقوة إلى قوة . 2- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله r ذكر يوم الجمعة فقال : ( فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله تعالى شيئاً إلا أعطاه إياه ) وأشار بيده يقللها ( يزهدها ) وبتأمل هذا الحديث ، يتبين أن إشارته r أفادت معنى جديدً زائداً على كلامه r ، وهو أن هذه الساعة أمرها يسير في مقابل نيل أمر عظيم ، وهذا من فضل الله على عباده . قال الزين بن المنير : الإشارة لتقليلها هو للترغيب فيها والحض عليها ليسارة وقتها وغزارة فضلها . ثانيها : جذب الانتباه وترسيخ بعض المعاني في الذهن : نلمس ذلك من الحديث السابق الذي ساقه جابر بن عبد الله رضي الله عنه ، وذلك عندما خطب النبي r بالناس في نمرة يوم عرفة ، حيث بين لهم في هذه الخطبة أموراً كثيرة وعظيمة ، ثم بعد أن بلغهم قال لهم : 1- ( وأنتم تسألون عني . فما أنتم قائلون ؟ ) قالوا : نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت . فقال : بإصبعه السبابة ، يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس ( اللهم ! اشهد . اللهم ! اشهد ) ثلاث مرات ففي رفع الرسول r لأصبعه إلى السماء ثم الإشارة به إليهم ، جذب لأنظار الناس لهذا الأمر الهام والخطير وهو مقام الشهادة على التبليغ . 2- ذكر أبو العالية البراء .. تأخير ابن زياد الصلاة ذكر ذلك لعبد الله بن الصامت فعض على شفتيه فضرب فخدي وقال سألت أبا ذر كما سألتني فضرب فخذي كما ضربت فخذك وقال سألت رسول الله r كما سألتني فضرب فخذي كما ضربت فخذك وقال : ( صل الصلاة لوقتها فإن أدركت الصلاة معهم فصل ولا تقل أني قد صليت فلا أصلي ) قال في شرح مسلم : قوله فضرب فخذي أي للتنبيه وجمع الذهن على ما يقوله له . | |
|
| |
نبض قلبي مشرف
عدد المساهمات : 349
| موضوع: رد: المعلم الأول (صلى الله عيه وسلّم) مايو 11th 2011, 02:18 | |
| الخلاصة: إن استخدام أسلوب التشويق والإثارة ، من أقوى الدوافع على التعلم والبحث والاستقصاء . يجب أن يضع المعلم في اعتباره ، أن العبارات المستخدمة في هذا الأسلوب ، يجب أن تؤدي إلى معنى تهواه وتستشرف إليه النفس . كقوله r : ( لأعلمنك أعظم سورة في القرآن قبل أن تخرج من المسجد ) ، وقوله : ( احشدوا فإني سأقرأ عليكم ثلث القرآن ) وقوله : ( يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة ) ثلاث مرات . كلما كان أسلوب التشويق قوياً ، كلما كانت الدوافع أقوى . ^!^!^ ]8[ استخدام الإيماءات ( حركات اليدين والرأس ) في التعليم لا ينفك المعلم بحال من الأحوال عن إيماءات اليدين والرأس ، أثناء ممارسته للتعليم ، فهي ملازمة للمتحدث أياً كان نوع الحديث . ولكن هل من سبيل إلى توظيف هذه الحركات والإيماءات لصالح التعليم ؟ الجواب . نعم . وإن سألتني كيف ذلك ؟ قلت لك : تابع معي السطور التالية : إن عين التلميذ تتابع حركات المعلم وسكناته ، ولذلك فهو يتأثر بالانفعالات التي يحدثها المعلم ، إذاً فهو يتأثر بحركة اليدين والرأس . والمعلم قد يستفيد من هذه الحركات والإشارات في أمور عدة : أحدها : زيادة بيان وإيضاح وتأكيد على الكلام : نأخذ هذه من حديث جابر رضي الله عنه ، في سياق حجة النبي r وفيه : 1- أن الرسول r أمر أصحابه ، أن لمن لم يسق الهدي أن يحل من إحرامه بعد طوافه بين الصف والمروة ويجعلها عمرة وقال : ( لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي . وجعلتها عمرة . فمن كان منكم ليس معه هدي فليحل . وليجعلها عمرة ) فقام سراقة بن مالك بن جشم فقال : يا رسول الله ! ألعامنا هذا أم لأبد ؟ فشبك رسول الله r أصابعه واحدة في الأخرى . وقال : ( دخلت العمرة في الحج ) مرتين ( لا بل لأبد الأبد ) ووجه الدلالة هنا أن الرسول r شبك بين أصابعه ليبين ويؤكد على أن هذا الحكم مستمر للأبد ، ولا يخفى ما في هذه الحركة من معان قوية ، تزيد الكلام تأكيداً ، وقوة إلى قوة . 2- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله r ذكر يوم الجمعة فقال : ( فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله تعالى شيئاً إلا أعطاه إياه ) وأشار بيده يقللها ( يزهدها ) وبتأمل هذا الحديث ، يتبين أن إشارته r أفادت معنى جديدً زائداً على كلامه r ، وهو أن هذه الساعة أمرها يسير في مقابل نيل أمر عظيم ، وهذا من فضل الله على عباده . قال الزين بن المنير : الإشارة لتقليلها هو للترغيب فيها والحض عليها ليسارة وقتها وغزارة فضلها . ثانيها : جذب الانتباه وترسيخ بعض المعاني في الذهن : نلمس ذلك من الحديث السابق الذي ساقه جابر بن عبد الله رضي الله عنه ، وذلك عندما خطب النبي r بالناس في نمرة يوم عرفة ، حيث بين لهم في هذه الخطبة أموراً كثيرة وعظيمة ، ثم بعد أن بلغهم قال لهم : 1- ( وأنتم تسألون عني . فما أنتم قائلون ؟ ) قالوا : نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت . فقال : بإصبعه السبابة ، يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس ( اللهم ! اشهد . اللهم ! اشهد ) ثلاث مرات ففي رفع الرسول r لأصبعه إلى السماء ثم الإشارة به إليهم ، جذب لأنظار الناس لهذا الأمر الهام والخطير وهو مقام الشهادة على التبليغ . 2- ذكر أبو العالية البراء .. تأخير ابن زياد الصلاة ذكر ذلك لعبد الله بن الصامت فعض على شفتيه فضرب فخدي وقال سألت أبا ذر كما سألتني فضرب فخذي كما ضربت فخذك وقال سألت رسول الله r كما سألتني فضرب فخذي كما ضربت فخذك وقال : ( صل الصلاة لوقتها فإن أدركت الصلاة معهم فصل ولا تقل أني قد صليت فلا أصلي ) قال في شرح مسلم : قوله فضرب فخذي أي للتنبيه وجمع الذهن على ما يقوله له . ثالثها طلب الاختصار : أما طلب الاختصار فنأخذه من الحديث المتفق عليه الذي يرويه ابن عباس بقوله : 1- قال رسول الله r : أمرت أن أسجد على سبعة أعظم : على الجبهة ، وأشار بيده إلى الأنف ، واليدين والركبتين ، وأطراف القدمين ) ألا ترى أنه قال أمرت أن أسجد على سبعة أعظم ثم قال الجبهة وأشار بيده إلى الأنف ، فهذا فيه بيان إلى أن الأنف تابع للجبهة ، أي كأنهما عضو واحد ، وفيه أيضاً اختصار بديع ، إذ أنه r استغنى عن ذكر الأنف بالإشارة إليه ، ألا ترى أنه لو لم يشر إلى الأنف لكان يتوجه أن يقال : الجبهة والأنف ، فلما استخدمت الإشارة على الأنف مع قوله الجبهة ، أغنى ذلك عن ذكر الأنف . والله أعلم . 2- عن أبن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي r سئل في حجته فقال : ذبحت قبل أن أرمي ، فأومأ بيده قال : ولا حرج . قال : حلقت قبل أن أرمي ، فأومأ بيده قال : ولا حرج . قال : حلقت قبل أن أذبح فأومأ بيده : ولا حرج . 3- وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي r قال : ( يقبض العلم ، ويظهر الجهل والفتن ، ويكثر الهرج ) قيل : يا رسول الله وما الهرج ؟ فقال : هكذا بيده فحرفها كأنه يريد القتل . تقرير بمشاركة سيئة تعديل / حذف المشاركة | |
|
| |
نبض قلبي مشرف
عدد المساهمات : 349
| موضوع: رد: المعلم الأول (صلى الله عيه وسلّم) مايو 11th 2011, 02:19 | |
| الخلاصة: توظيف إيماءات اليدين والرأس في صالح التعليم . الإشارات تفيد المعلم في الاختصار ، أو زيادة تأكيد على الكلام ، أو ترسيخ وتعميق بعض الأمور الهامة أو جذب انتباه السامع ، أو تساعد المعلم في التعبير عن بعض المعاني التي قد يتعذر على اللسان الإتيان بها . وغيرها . هناك وظائف كثيرة متعارف عليها ، وهي معلومة لنا بحكم العادة ، كإشارة طلب السكوت ، أو النفي ، أو طلب المجيء والانصراف . إن الإسراف في حركة اليدين ، مزعجة للطالب ، ونقيضه تعطيل هذه الوسيلة يفوت على المعلم وسائل مساعدة في إيضاح بعض مواد الشرح . فكلا قصد طرفي الأمور ذميم . ^!^!^ ]10[ استخدام الرسومات للتوضيح والبيان يحتاج المعلمون إلى وسائل مساعدة ، تساعد المعلم في إيصال المعلومات بشكل أفضل وأيسر ، ومن هذه الوسائل ( السبورة ) حيث يتمكن المعلم من دعم شرحه بالكتابة أو بالرسم على ( السبورة ) ونحوها . ولك أن تقارن بين معلم يجمع بين الشرح والكتابة أو الرسم على( السبورة ) وبين معلم يقتصر على أسلوب الإلقاء فقط . قطعاً الأول أكثر إيضاحاً للمعنى المراد بيانه ، وأسرع فهماً. وهذا أمر لا يحتاج إلى تدليل لإثباته . والمعلم الأول r سبق التربية الحديثة بأربعة عشر قرناً حيث كان يدعم قوله r في بعض حديثه برسومات تقرب المعنى للأذهان ، وتعين على الحفظ . فمن ذلك : 1- عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : خط النبي r خطاً مربعاً ، وخط خطاً في الوسط خارجاً منه ،. وخط خططاً صغاراً إلى هذا الذي في الوسط من جانبه الذي في الوسط ، فقال : ( هذا الإنسان ، وهذا أجله محيطاً به - أو قد أحاط به - وهذا الذي هو خارج أمله ، وهذه الخطط الصغار الأعراض ، فإن أخطأه هذا ، نهشه هذا ، وإن أخطأه هذا نهشه هذا ) وهذه صورته :
الأجل الأمل
الأعراض
2- وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : خط رسول الله r خطاً بيده ثم قال : ( هذا سبيل الله مستقيماً ) وخط عن يمينه وشماله ثم قال : ( هذه السبل ليس منها سبيل إلا عليه شيطان يدعو إليه ) ثم قرأ ( وأن هذا صراطي مستقيما فأتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ) وبعد . فإننا نضيف أموراً أخرى ، وهي : (1) أن يراعي المعلم وضوح المادة المكتوبة أو المرسومة . (2) أن يتأكد من أن جميع الطلاب يشاهدون المادة المكتوبة أو المرسومة وإزالة جميع العوائق التي تمنع ذلك . (3) استخدام الألوان وتنويعها لجذب الانتباه . الخلاصة: دعم الشرح بالرسومات والكتابة ، يزيد الشرح قوة إلى قوة . الرسومات والكتابات مع الشرح ، تساعد في إيصال المعلومة بشكل سريع . يجب أن تكون الكتابة والرسومات واضحة يراها جميع الطلاب ، مع مراعاة إزالة الحواجز التي قد تعيق رؤية الطلاب لها . ^!^!^
]11[ توضيح المسائل المهمة عن طريق التعليل قد تغلق بعض المسائل على الطالب ، ويحتار فيها ولا يجد تفسيراً لها أو فكاً لرموزها ، وعندئذ يأتي دور المعلم في بيان ما أشكل على الطالب وأغلق عليه . ومن ذلك استخدام أسلوب التعليل ، أي بيان الأسباب والعلل التي جعلت هذه المسألة أو هذا الحكم على هذه الصورة . والتعليل يحل رموز المسائل المشكلة ، ويدخل على النفس الراحة ، ويكسبها الطمأنينة ، هذا بالإضافة إلى رسوخ المسألة في الذهن وصيانتها عن النسيان ، لأن حفظ ما علم علته وسببه أيسر ممن جهلت علته وسببه . وبالمثال يتضح الحال : 1- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله r قال : ( إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه كله ثم ليطرحه ، فإن في إحدى جناحيه داء وفي الآخر شفاء ) ففي هذا الحديث بين النبي r الحكمة من غمس الذبابة جميعها في الإناء أو الشراب ، وعللها بأ، في أحد جناحي الذبابة داء وفي الآخر شفاء . ولو أن الحديث جاء هكذا بدون تعليل منه ، لأصبح مشكلاً محيراً ، ولكن لما جاء هذا التعليل بان لنا سبب الغمس والطرح . 2- عن ثابت بن الضحاك ، قال : نذر رجل على عهد رسول الله r : أن ينحر إبلاً ببوانة ؟ فقال النبي r: ( هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد ) ؟ قالوا : لا! قال : ( هل كان فيها عيد من أعيادهم ) ؟ قالوا : لا! قال رسول الله r : ( أوف بنذرك ، فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله ، ولا فيما لا يملك ابن آدم ) وهذا الحديث فيه أن الرجل سأل النبي r أن عليه نذراً في مكان يقال له بوانة ، فلما عين ذلك الرجل المكان استفسر منه النبي r عن سبب ذلك فسأله هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية ، وهل كان فيها عيد من أعيادهم ، فلما قالوا : لا ، وانتفى المحذور من أن يكون المكان مكان معصية ، أذن له النبي r في وفائه بنذره ، ثم علل ذلك بقوله : ( فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله ) أي إن نذر المعصية لا يجوز إمضاؤه . وأنت ترى كيف جاء هذا التعليل بياناً لاستفسار النبي r عن ذلك المكان ، فلو أن النبي r لم يعلل ، لسأل سائل ، ما هو المقصود من استفسار النبي r عن ذلك الموقع ؟ ولكن لما جاء التعليل وضح المقصود وأزال التوهم . الخلاصة: أسلوب التعليل يوضح ما صعب على الطالب فهمه ، وما أشكل عليه . أسلوب التعليل يبعث في النفس الطمأنينة ، ويقر المعني للذهن . أسلوب التعليل ، سبب في رسوخ المعلومات في ذهن الطالب . ^!^!^ ]12[ ترك استخراج الجواب للمتعلم إن ترك المعلم الطالب يستخرج الجواب بنفسه ، وسيلة نافعة في إعمال الذهن ، وتحريضه على التفكير والإدلاء بالجواب . ويكفي هذه الطريقة فائدة ، أنها شحذت الذهن والحواس ، وجعلتها تبحث جاهدة للعثور على الجواب المطلوب ، وهذا في حد ذاته تقدماً ومكسباً ينضاف إلى رصيد الطالب . بيان ذلك ، بأن يطرح المعلم مسألة معينة ، ثم يقربها لهم ويترك الجواب أو الحكم النهائي لهم . وقد تكون هذه المسألة المطروحة تستلزم جواباً من الطالب ، وقد لا تستلزم ذلك ولكنها تتطلب إعمالاً ذهنياً وشحذاً فكرياً . وإليك الأمثلة : 1- عن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال النبي r ( يصبح على كل سلامي من ابن آدم صدقة تسليمه على من لقي صدقة ، وأمره بالمعروف صدقه . ونهيه عن المنكر صدقه ، وإماطة الأذى عن الطريق صدقة ، وبضعة أهله صدقه ، ويجزئ من ذلك كله ركعتان من الضحي ) .. ( قالوا : يا رسول الله أحدنا يقضي شهوته وتكون له صدقة ؟ قال : أرأيت لو وضعها في غير حلها ألم يكن يأثم ؟ ) وقول النبي r في الحديث ، أرأيت لو وضعها في غير حلها ألم يكن يأثم ؟ . فالجواب وإن كان مسكوتاً عنه ، فهو إن وضعها في غير حلها ألم يكن يأثم ؟ . فالجواب وإن كان مسكوتاً عنه ، فهو إن وضعها في حلها فهو له صدقة . أليس هذا إعمالاً للذهن ؟ 2- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : جاء رجل من بني فزارة إلى النبي r فقال : إن امرأتي ولدت غلاماً أسود . فقال النبي r : ( هل لك من إبل ؟ ) قال : نعم . قال : ( فما ألوانها ؟ ) قال : حمر . قال : ( فهل فيها من أورق ؟ ) قال : إن فيها أورقاً . قال : ( فأنى أتاها ذلك ؟ ) قال : عسى أن يكون نزعه عرق . قال : ( وهذا عسى أن يكون نزعه عرق وعند التأمل لهذا الحديث نرى كيف أن النبي r حاوره وقرب إليه المسألة حتى أجاب السائل بقوله : عسى أن يكون نزعه عرق . ولا شك أن هذه الطريقة تتطلب براعة من المعلم ، وحسن اختيار للمسائل المطروحة ، ومراعاة البساطة والسهولة فيها ، وتقريبها للذهن بذكر القرائن والأحوال المصاحبة ونحو ذلك . | |
|
| |
نبض قلبي مشرف
عدد المساهمات : 349
| موضوع: رد: المعلم الأول (صلى الله عيه وسلّم) مايو 11th 2011, 02:19 | |
| الخلاصة: استخراج الطالب الإجابة بنفسه من المسألة ، طريقة مفيدة ونافعة في إعمال الذهن ، وشحذ الفكر . قد تستلزم المسألة المطروحة إجابة من الطالب ، وقد لا تستلزم ذلك . هذه الطريقة تتطلب براعة من المعلم ، وحسن اختيار للأمثلة . كلما كانت المسألة المطروحة ، سهلة - ليست من النوع التي تصعب على الذهن - كان ذلك أدعى لحصول المقصود . ^!^!^ ]13[ استخدام التكرار في التعليم إن استخدام أسلوب التكرار في التعليم له فوائد عظيمة النفع منها : التأكيد على مسألة مهمة ، أو حكم هام ، ومنها تنبيه الغافل ومن به نعاس ونحوه ، ومنها حفظ الشيء المكرر . والاقتصار على ثلاث مرات ، أمر قد تكر كثيراً في أحاديث المصطفي r ، قال ابن التين : فيه أن الثلاث غاية ما يقع به الاعتذار والبيان . أهـ . ومن تأمل ذلك وجده كما قال . وقد يزاد على الثلاث للحاجة كما ستراه من قول الرسول r قريباً . والتكرار قد يكون في الكلمات والجمل ، وقد يكون في الأسماء ، وقد يكون في غيرهما . فأولاً : تكرار الكلمات : 1- عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي r أنه كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثاً حتى تفهم عنه ، وإذا أتى على قوم فسلم عليهم سلم عليهم ثلاثاً . وعند الترمذي من حديث أنس : ( كان رسول الله r يعيد الكلمة ثلاثاً لتعقل عنه ) . قال المباركفوري : والمراد أنه كان (r ) يكرر الكلام ثلاثاً إذا اقتضي المقام ذلك لصعوبة المعنى أو غرابته أو كثرة السامعين لا دائماً فإن تكرير الكلام من غير حاجة لتكريره ليس من البلاغة كذا في شرح الشمائل للبيجوري ( وقوله ) ( لتعقل عنه ) بصيغة المجهول أي لتفهم تلك الكلمة عنه r . أهـ. 2- عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه رضي الله عنه قال : قال النبي r : ( ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ( ثلاثاً ) ؟ قالوا : بلى يا رسول الله . قال : الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين - وجلس وكان متكئاً فقال - ألا وقول الزور . قال فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت قال الحافظ عند قوله : ( ثلاثاً ) أي قال لهم ذلك ثلاث مرات ، وكرره تأكيداً لينتبه السامع على إحضار فهمه . 3- ومن ذلك أيضاً قصة أسامة بن زيد بن حارثة مع النبي r ، عندما قتل الذي قال لا إله إلا الله في إحدى الغزوات متأولاً ، قال أسامة .. ( فلما قدمنا بلغ ذلك النبي r ، قال فقال لي : يا أسامة أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله ؟ قال قلت : يا رسول الله إنه إنما كان متعوذاً ، قال : قتلته بعد ما قال لا إله إلا الله ؟ قال : فما زال يكررها علي حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم ) قال القرطبي : في تكريره ذلك والإعراض عن قبول العذر زجر شديد عن الإقدام على مثل ذلك . أهـ . ثانياً : تكرار الاسم : 1- عن أنس بن مالك أن النبي r - ومعاذ رديفه على الرحل - فقال : يا معاذ بن جبل . قال : لبيك يا رسول الله وسعديك . قال : يا معاذ ، قال : لبيك يا رسول الله وسعديك ( ثلاثاً ) . قال : ( ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صدقاً من قلبه إلا حرمه الله على النار ) ، قال يا رسول الله أفلا أخبر به الناس فيسبشروا ؟ قال : إذاً يتكلوا . وأخبر بها معاذ عند موته تأثماً . وفي هذا الحديث نلحظ تكرار منادة الرسول r لمعاذ بن جبل ثلاث مرات ، والسر في ذلك والله أعلم هو تهيئة معاذ للخبر العظيم الذي سوف يحمله ، ويدلك على ذلك قول معاذ في الحديث أفلا أخبر الناس فيستبشروا ؟ فإن فيه دلالة واضحة على عظم هذا الحديث وجلالة قدره ، لما فيه من البشرى العظيمة . ونخرج من هذا الحديث ، أن المعلم إذا أراد أن يبث خبراً هاماً لأحد طلابه أن يناديه باسمه ثلاث مرات ، ثم يلقي إليه الخبر ، وقس على ذلك لو كانوا جماعة فله أن يناديهم بالاسم الذي يجمعهم ، كأن يقول : يا طلاب ( ثلاثاً ) أو نحواً من ذلك . الخلاصة: التكرار ثلاثاً غاية ما يحصل به البيان ، ولكن قد يزاد فوق الثلاث للحاجة . التكرار وسيلة ناجعة في حفظ المعلومات ، وفي التركيز على النقاط الهامة . تكرار الاسم يجعل المنادي يتهيأ لاستقبال الخبر . ^!^!^ ]14[ استخدام أسلوب التقسيم في التعليم هذا أسلوب عزيز وجودة عند المعلمين وقليل هم الذين يستخدمونه أثناء طرحهم لموادهم العلمية ، وأعني بأسلوب التقسيم ، أن يعمد المعلم إلى دراسة المادة العلمية التي يراد طرحها على الطلاب ، ثم يقسمها إلى أقسام أو مراتب أو فقرات أو نقاط - سمها ما شئت - ثم يقوم بطرحها على الطلاب . ولا يخفى ما في هذه الطريقة من فائدة عظيمة للطالب ، إذ إنها تجعل الطالب يلم بأطراف الموضوع ، وتجعله يحفظ المعلومات ويستوعبها بشكل سريع ، هذا بالإضافة إلى صيانة المعلومات وحفظها من النسيان . فإذا نسي الطالب معلومة منها ثم تذكر أن عددها كذا ، أو أقسامها كذا ، كان ذلك معيناً لا سترجاع المعلومة المفقودة . ولعل الذي يطالع الكتب الفقهية ، يرى أنواعاً عديدة من التقسيمات ، فهناك شروط ، وواجبات ، وأركان ، ومحظورات .. إلخ . وكل هذه التقسيمات لم يرد بها نص عن المعصوم عليه الصلاة والسلام ، وإنما وضعها العلماء والفقهاء - رحمهم الله - من أجل تقريب العلم لطالبيه ، وحصر مواده ، وجمع متفرقاته ، فيسهل على مريده حفظه ومراجعته . ولقد كان النبي r يفعل مثل ذلك : 1- عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي r قال : سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ، الإمام العادل ، وشاب نشأ في عبادة ربه ، ورجل قلبه معلق في المساجد ، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ، ورجل طلبته أمرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله ، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه . 2- وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال r : أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً ، ومن كانت فيه خصلة منهم كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها ، إذا أؤتمن خان ، وإذا حدث كذب ، وإذا عاهد غدر ، وإذا خاصم فجر . والأخبار في ذلك عن النبي r كثيرة جداً ، ولو ذهبنا نستقصي بعضها ، لطال بنا المقام ، وفيما ذكرنا غنية وكفاية . ثم لو دققنا النظر في حديث النبي r ، لوجدنا أن النبي r يذكر العدد مجملاً ثم يفصل في ذلك ، ولا شك أن هذه الطريقة أشد جذباً للنفس ، وأحسن ترتيباً وسياقاً . والمعلمون ينبغي عليهم أن يسلكوا هذا السبيل ، إن أرادوا أن ييسروا العلم ويذللوه لطلابهم . الخلاصة: إن أسلوب التقسيم ، معين على حفظ المعلومات ، ويصونها من النسيان . إن هذه الطريقة تستلزم من المعلم دقة ومهارة . يفضل عند استخدام هذه الطريقة ، استخدام أسلوب الإجمال ثم التفصيل . | |
|
| |
نبض قلبي مشرف
عدد المساهمات : 349
| موضوع: رد: المعلم الأول (صلى الله عيه وسلّم) مايو 11th 2011, 02:20 | |
| استخدام أسلوب الاستفهام أثناء التعليم يحتاج المعلم في جذبه لانتباه الطالب إلى وسائل متعددة ، وطرق متباينة ، ولا بد للمعلم من التنويع بين وسائل الجذب لكي لا يألف الطالب طريقة معينة فيعتادها ، ثم لا تحدث لديه أثراً بحكم الاعتياد . ومن وسائل الجذب التي يحتاجها المعلم ، هو استخدام أسلوب الاستفهام بين يدي الحديث ، أو في منتصف الحديث لجذب انتباه الطالب وحثه على استحضار الذهن . يبين ذلك الحديث المتفق عليه : 1- قال رسول الله r : ( ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ؟ قلنا بلى يا رسول الله . قال : ( الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين .. الحديث ) فـ (ألا) أداة استفهام للتنبيه ، والتحضيض لضبط ما يقال وفهمه على وجهه. 2- في خطبة النبي r بمنى في حجة الوداع أنه قال : أي يوم هذا ؟ فسكتنا حتى ظننا أنه سيسميه سوى اسمه . قال : أليس يوم النحر؟ قلنا : بلى . قال : فأي شهر هذا ؟ فسكتنا حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه ، فقال : أليس بذي الحجة ؟ قلنا : بلى : قال : فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام كحرمة يومكم هذا ، في شهركم هذا ، في بلدكم هذا .. الحديث ) قال القرطبي : سؤاله r عن الثلاثة وسكوته بعد كل سؤال منها كان لا ستحضار فهومهم ، وليقبلوا عليه بكليتهم ، وليستشعروا عظمة ما يخبرهم عنه ، ولذلك قال بعد هذا : فإن دماءكم .. الخ ، مبالغة في تحريم هذه الأشياء . أ هـ . 3- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن الناس قالوا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ فقال رسول الله r: هل تضارون في القمر ليلة البدر ؟ قالوا : لا يا رسول الله ، قال : فهل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب ؟ قالوا : لا يا رسول الله ، قال فإنكم ترونه كذلك يجمع الله الناس يوم القيامة ، فيقول من كان يعبد شيئاً فليتبعه .. الحديث ) . والملاحظ في الأمثلة السابقة أن الرسول rلم يعين شخصاً بعينه ، للإجابة على الأسئلة المطروحة ، بل كانت عباراته بصيغة الجمع غالباً وهذا يفيدنا في أن المعلم ينبغي عليه أن يطرح السؤال أولاً لكي يشترك الطلاب جمبعهم في إيجاد جواب للسؤال المطروح ، ثم إنه من المستحسن للمعلم أن يترك وقتاً مناسباً قبل الشروع في سماع إجابة الطالب ، وذلك لأن قدرات الطلاب العقلية تختلف وتتباين من فرد لآخر ، فبعضهم سريع استحضاره وبعضهم دون ذلك بمراحل . وبهذا يتبين لك خطأ ما يفعله بعض المعلمين من سؤال طلابهم حسب قائمة معينة من الأسماء ، أو حسب ترتيبهم في مقاعد الصف ، لأن هذه الطريقة تجعل الطلاب الآخرين الذين لم يقع عليهم الاختيار لا يتكلفون عناء البحث عن الإجابة اكتفاء بتعيين الطالب من قبل معلمهم . نعم قد يسأل المعلم بعض طلابه في حالات معينة كأن يريد المعلم أن يفاجئ طالباً معيناً ، ليستخبر حاله ، أو لينبهه من غفلته ونحو ذلك . وقد ورد أن النبي r سأل بعض آحاد الصحابة في مسائل متفرقة ، وهذا محله ما إذا كان النبي r منفرداً بذلك الصحابي ، كما جاء ذلك مع معاذ رضي الله عنه : عن أنس بن مالك أن النبي - ومعاذ رديفه على الرحل - فقال : يا معاذ بن جبل . قال : لبيك يا رسول الله وسعديك . قال : يا معاذ . قال : لبيك يا رسول الله وسعديك (ثلاثاً ) . قال .. الحديث . الخلاصة: أسلوب الاستفهام ، أسلوب فعال في جذب انتباه السامع ، وتهيئته لما سيلقى عليه . قد يكون الاستفهام في أول الحديث ، وقد يكون في أثنائه ، بحسب ما تقتضيه الحاجة . على المعلم أن يطرح السؤال على طلابه بشكل عام ثم يترك وقتاً كافياً لا ستحضار الجواب ، ثم يعين الطالب الذي سوف يقوم بالإجابة على السؤال . عدم تعيين طالب بعينه ، قبل طرح السؤال ، لأن ذلك يلغي مشاركة الطلاب الآخرين الذهنية اكتفاءً بتعيين زميلهم . للمعلم أن يعين طالباً بعينه قبل طرح السؤال لحالات خاصة ، كإرادة المعلم معرفة قدرة الطالب على الاستجابة السريعة ، أو تنبيه طالب من غفلة أو نوم ونحوه ، ولكن لا يتخذ المعلم هذه عادة له . ^!^!^ ]16[ طرح بعض المسائل العلمية المهمة لاختبار مقدرة الطالب العقلية . إن طرح بعض المسائل للاختبار على الطلاب بشكل عام ، له فائدة كبيرة في تنمية المدارك وتقوية الأفهام .والطريقة المثلى لاستخدامها ، هي أن يقوم المعلم بطرح المسألة بشكل جماعي ، ثم تكون هناك مهلة قصيرة لا سترجاع المعلومات والتفكير في المسألة ، ثم ترك جواب المسألة المطروحة للطلاب . والسنة حافلة بمثل هذا النوع من العلم . 1- فعن عبد الله بن دينار عن ابن عمر رضي الله عنه عن النبي r قال : ( إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها وإنها مثل المسلم ، حدثوني ما هي ؟ قال فوقع الناس في شجر البوادي . قال عبد الله : فوقع في نفسي أنها النخلة . فاستحييت ثم قالوا : حدثنا ما هي يا رسول الله ؟ قال : هي النخلة ) قال البغوي : قال الإمام : فيه دليل على أنه يجوز للعالم أن يطرح على أصحابه ما يختبر به علمهم أهـ وقال ابن حجر رحمه الله : وفي هذا الحديث من الفوائد .. امتحان العالم أذهان الطلبة بما يخفى مع بيانه لهم إن لم يفهموه ، .. وفيه التحريض على الفهم في العلم .. وعلى المعلم أن يحسن اختيار المسائل التي يطرحها على طلابه ، وكذلك له أن يسمح بالمناقشة بين الطلاب والإدلاء بالآراء ألا ترى إلى قوله : ( فوقع الناس في شجر البوادي ) أن ذلك مشعر بأن الجميع قد ذهبوا في تحليل هذه المعضلة كل مذهب . قال الحافظ : أي ذهبت أفكارهم في أشجار البادية ، فجعل كل منهم يفسرها بنوع من الأنواع وذهلوا عن النخلة . والمتأمل في المسألة التي طرحها النبي r عليهم ، يجد أنها قد حفزت هممهم ، وبعثتهم على التفكير في الحل ، وتلهفت أنفسهم لمعرفة الجواب الصحيح من رسول الله r لما عجزوا عن حله . أيضاً من الأمور المهمة التي يحسن التفطن لها ، أن تكون هذه المسائل تؤصل فكرة معينة أو ترسخ مفهوماً معيناً لدى الطلاب . ولك أن تسأل ما وجه الشبه بين النخلة وبين المسلم ، أو ما هي الفائدة المستفادة من هذا السؤال ، يبين ذلك الحافظ ابن حجر بقوله : وبركة النخلة موجودة في جميع أجزائها ، مستمرة في جميع أحوالها ، فمن حين تطلع إلى أن تيبس تؤكل أنواعاً ، ثم بعد ذلك ينتفع بجميع أجزائها ، حتى النوى في علف الدواب والليف في الحبال وغير ذلك مما لا يخفى ، وكذلك بركة المسلم عامة في جميع الأحوال ، ونفعه مستمر له ولغيره حتى بعد موته . وهذه الطريقة نافعة جداً إذا أحسن استخدامها واستغلالها ، فعلى المعلم أن يبتعد عن صعاب المسائل ، وأن لا يكون همه تعجيز المتعلمين وإفحامهم ، بل عليه أن يقرب لهم المسألة المطروحة عليهم بقرائن الأحوال وغيرها من الوسائل ، لكي تكون عوناً لهم في الاهتداء إلى الجواب الصحيح ، ويدل على ذلك أن الرسول rعندما طرح عليهم هذه المسألة كان في يديه جمار ، ففي إحدى روايات هذا الحديث ، عن مجاهد قال : صحبت ابن عمر إلى المدينة فلم أسمعه يحدث عن رسول الله r إلا حديثاً واحداً قال : كنا عند النبي r ، فأتي بجمار فقال .. الحديث فابن عمر رضي الله عنهما فهم المراد عندما رأى الجمار في يدي رسول الله r ، ولم يمنعه من الإجابة على السؤال إلا صغر سنه قال الحافظ ابن حجر : إن الملغز ينبغي له أن لا يبالغ في التعمية بحيث لا يجعل للملغز باباً يدخل منه ، بل كلما قربه كان أوقع في نفس سامعه . تقرير بمشاركة سيئة تعديل / حذف المشاركة | |
|
| |
نبض قلبي مشرف
عدد المساهمات : 349
| موضوع: رد: المعلم الأول (صلى الله عيه وسلّم) مايو 11th 2011, 02:20 | |
| أهمية هذه الطريقة في تقوية الفهم ، وتوسيع المدارك . الاستفادة من هذه المسائل في ترسيخ معاني معينة في الأذهان . تقريب المسألة المطروحة بقرائن وأحوال ، تساعد في الوصول إلى الحل . بيان الجواب الصحيح عند العجز عن الإتيان بالجواب . ^!^!^ ]17[ حث المعلم طلابه على طرح الأسئلة . إن الأسئلة تزيل كثيراً من الخلط أو الوهم الذي قد يقع فيه الطالب ، فعند عرض المعلم لمادته شرحاً ، فإنه لا يتبين له ما إذا كانوا قد فهموا منه مادته كما ينبغي أم لا . وطريق معرفة ذلك يكون بسؤالهم عن بعض ما تم عرضه ، وأفضل من ذلك أن يبتدئ الطالب بسؤال معلمه عما أشكل عليه . والسؤال يوضح المعاني التي قصر فهم الطالب عن عقلها وتدبرها ، ويرسخ الإجابة في ذهن السائل لكونه هو الذي ابتدر السؤال ، وهو مزيل للجهل كما قال عليه الصلاة والسلام : ( فإنما شفاء العي السؤال ) والعي بكسر العين وتشديد الياء هو التحير في الكلام وعدم الضبط . كذا في الصحاح . وفي النهاية ولسان العرب العي بكسر العين الجهل ، والمعنى أن الجهل داء وشفاؤه السؤال والتعلم . ومن أجل ذلك قلنا إنه يتوجه على المعلم أن يحث طلابه على طرح الأسئلة عليه . وقد قال بذلك معلمنا الأول صلوات الله وسلامه عليه إلى يوم الدين : 1-عن أنس بن مالك أن الناس سألوا النبي r حتى أحفوه بالمسألة . فخرج ذات يوم فصعد المنبر . فقال : ( سلوني . لا تسألوني عن شيء إلا بينته لكم ) .. الحديث 2- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله r: سلوني فهابوه أن يسألوه ، فجاء رجل فجلس عند ركبتيه فقال : يا رسول الله . ما الإسلام .. الحديث ) . 3- عن سعيد بن المسيب قال : ما كان أحد من الناس يقول سلوني غير على بن أبي طالب .. وروينا عن الحسن : أنه كان يبتدئ الناس بالعلم ويقول : سلوني . 4- عن سعيد بن جبير قال : إنا لعند ابن عباس في بيته إذا قال : سلوني . قلت : أي أبا عباس جعلني الله فداك .. الحديث ) . ففي الآثار المتقدمة استحباب قول المعلم ( سلوني ) ، فإن في هذا حثاً للطلاب على طرح السؤال ، وفيه أيضاً تجرئه للطالب الخجول على سؤال معلمه ، وفيه استفادة الغير من السؤال المطروح ، وفيه معرفة المعلم مقدار تحصيل طلابه للمادة المشروحة . وينبغي أن يراعي المعلم في أسئلة الطلاب الصادرة منهم ، أن تكون ذات فائدة ، وليست من باب التعجيز ، أو السخرية أو التهكم ، فإن هذه الأسئلة وأمثالها تطرح في الأرض ولا كرامة لصاحبها . الخلاصة: السؤال يزيل غشاوة الجهل ، ويصحح المعاني والأفكار . ابتدار المعلم طلابه وحثهم على طرح السؤال فيه فوائد منها : أ - تقييم حال طلابه من حيث الفهم . ب- دفع الطالب الخجول وتجرئته على طرح السؤال . ت- استفادة الطلاب الآخرين عند سماع الإجابة . ث- تقديم المعلم لنفسه ، ومراجعته لطريقة عرضه لمادته ، عندما يتضح له من خلال الأسئلة ، عدم فهمهم كما ينبغي . (3) رد الأسئلة التعجيزية ، أو الأسئلة الساخرة ، وتوبيخ قائلها .
^!^!^ ]18[ تقديم السائل من خلال سؤاله ، وإجابته بما يناسب حاله يتلقى المعلمون والمربون ، أسئلة كثيرة من طلابهم وتلاميذهم ونجد أن كثيراً من المعلمين والمربين يقتصرون في إجاباتهم على مراد السائل فقط لا يتعدونه . والتحقيق أن يقال : إن الاقتصار على مراد السائل فقط لا ينبغي في كل الأحوال ، بل قد يكون في بعض الأحيان ما يدعو المعلم إلى الزيادة على مراد السائل وتوضيح بعض المسائل التي تتعلق بالسؤال ، أو تقرير بعض المسائل المهمة والتي يمكن ربطها بالسؤال ، وذلك الأمر يشتد إذا كان السائل يغلب عليه الجهل . وإليك التفاصيل : أ - معاملة السائل من جهة جهله : 1- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ( سأل رجل رسول الله r فقال : يا رسول الله ، إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء فإنا توضأنا به عطشنا ، أفنتوضأ من ماء البحر . فقال رسول الله r : هو الطهور ماؤه ، الحل ميتته .) قال الرافعي : لما عرف r اشتباه الأمر على السائل في ماء البحر أشفق أن يشتبه عليه حكم مييته وقد يبتلى به راكب البحر فعقب الجواب على سؤاله ببيان حكم الميتة .. وقال ابن العربي : وذلك من محاسن الفتوى أن يجاء في الجواب بأكثر مما يسأل عنه تتميماً للفائدة وإفادة لعلم آخر غير مسئول عنه ، ويتأكد ذلك عند ظهور الحاجة إلى الحكم كما هنا لأن من توقف في طهورية ماء البحر فهو عن العلم بحل ميتته مع تقدم تحريم الميتة أشد توقفاً . ونحن هنا نلمس حكمة الرسول r في بيان حكم جديد لذلك السائل ، لأن من سأل عن طهورية ماء البحر وجهل حكمه ، فلئن يجهل حكم ميتته من باب أولى كما قاله ابن العربي . 2- عن أبي جري الهجيمي قال : ( رأيت رجلاً يصدر الناس عن رأيه لا يقول شيئاً إلا صدروا عنه قلت : من هذا ؟ قالوا : هذا رسول الله r ، قلت : عليك السلام يا رسول الله مرتين ، قال : لا تقل عليك السلام فإن عليك السلام تحية الميت قل السلام عليك . قال قلت : أنت رسول الله ؟ قال : أنا رسول الله الذي إذا أصابك ضر فدعوته كشف عنك ، وإن أصابتك عام سنة فدعوته أنبتها لك ، وإذا كنت بأرض قفر أو فلاة ( بأرض قفراء أو فلاة ) فضلت راحلتك فدعوته ردها عليك . قال قلت : أعهد إلى . قال لا تسبن أحداً .. الحديث ) . وفي هذا الحديث يتبين لنا جهل ذلك السائل واضحاً بأمور : أولاً في قوله : ( رأيت رجلاً ) وهذا يدل على أنه لأول وهلة يرى الرسول r. ثانياً : في قوله ( عليك السلام ) ، فإن تحية الإسلام لا يجهلها أحد من الصحابة . لأنها من الأمور المتكررة التي تحدث في اليوم الواحد مرات عديدة ، فلما رأي الرسول r ، جهله أراد أن يدله على خالقه ويعلمه ، فأرشده أولاً إلى تصحيح خطئه بقوله : ( لا تقل عليك السلام ، فإن عليك السلام تحية الميت ) ثم بين له أن كشف الضر ، والاستغاثة كلها لا تصرف إلا لله . وفي الحديث لفتة كريمة للمسلم حيث دل الأعرابي على خالقه الذي يملك وحده الضر والنفع ، وربطه به وحده دونه r ، ورغبه في اللجوء إليه وطلب العون منه والاستغاثة به في الملمات . ب - معاملة السائل من جهة ما هو أنفع له : 1- عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ( أن رجلاً قال : يا رسول الله ، ما يلبس المحرم من الثياب ؟ قال رسول الله r : لا يلبس القمص ولا العمائم ولا السراويلات ولا البرانس ولا الخفاف .. الحديث ) قال النووي : قال العلماء هذا من بديع الكلام وجزله لأن مالا يلبس منحصر فحصل التصريح به ، وأما الملبوس الجائز فغير منحصر فقال : لا يلبسك كذا أي ويلبس ما سواه .. وقال ابن دقيق العيد : يستفاد منه أن المعتبر في الجواب ما يحصل منه المقصود كيف كان ولو بتغيير أو زيادة ولا تشترط المطابقة . 2- عن قتادة قال : سألوا النبي عن الأهلة لم جعلت ؟ فأنزل الله ( يسئلونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج ) فجعلها لصوم المسلمين وإفطارهم ولمناسكهم وحجهم وعدد نسائهم ومحل دينهم . يقول ابن القيم : فسألوه عن سبب ظهور الهلال خفياً ثم لا يزال يتزايد فيه النور على التدريج حتى يكمل ثم يأخذ في النقصان ، فأجابهم عن حكمة ذلك من ظهور مواقيت الناس التي بها تمام مصالحهم في أحوال معاشهم ومواقيت أكبر عباداتهم وهو الحج ، وإن كانوا قد سألوا عن السبب فقد أجيبوا بما هو أنفع لهم مما سألوا عنه وإن كانوا سألوا عن حكمة ذلك فقد أجيبوا عن عين ما سألوا عنه ..
| |
|
| |
نبض قلبي مشرف
عدد المساهمات : 349
| موضوع: رد: المعلم الأول (صلى الله عيه وسلّم) مايو 11th 2011, 02:20 | |
| تقديم حال السائل ، وبيان ما قد يحتاجه السائل ، ففي المثال الأول من الفقرة الأولي : كان السائل جاهلاً بحكم معين وهو قد يخفي على بعض دون بعض ولذلك أجابه الرسول r على سؤاله وأردفه بحكم آخر يجهله السائل وهو متعلق بالسؤال نفسه ، فمن جهل الحكم الأول فلابد أن يجهل الآخر . فتأمله . وفى المثال الثاني من الفقرة الثانية : كان سؤال الصحابي يدل على جهله الشديد بأمور الإسلام حيث أخطأ في السلام وهو أمر لا يكاد يخطئه أحد لشيوعه بين الناس ، ولذا عامله الرسول r بحسب حاله ، حيث أجاب على سؤاله ثم علمه ودل على خالقه . قد تكون إجابة السائل بخلاف السؤال ولكنها أنفع له ففي المثال الأول من الفقرة الثانية : كان السؤال عن جنس ما يلبس وهو كثير صعب الحصر ، فأرشده النبي r إلى مالا يلبس وهو قليل محصور . وفي المثال الثاني من الفقرة الثانية : فيه سؤالهم عن طبيعة الهلال وخلقته ، فأجابهم بما هو أنفع لهم من الحكمة العظيمة في إيجاده . ليس ذلك التقديم مضطرداً في كل أحوال السائلين ، وإنما هي أمور يقدرها المعلمون . الاستفادة من أسئلة الطلاب في ترسيخ معاني معينة ، أو بيان أحكام جديدة ، وغير ذلك . ^!^!^ ]19[ التعليق على إجابة المتعلم يحتاج المعلم إلى التعليق على إجابة الطالب بعد توجيه السؤال إليه ، وذلك لأن الطالب قد يكون غير متأكد من الإجابة التي أدلى بها ، وأيضاً فإن الطلاب الآخرين الذي يستمعون إلى إجابة الطالب في شوق لمعرفة ما إذا كانت إجابة الطالب صحيحة أم غير ذلك . وعلى المعلم أن يعلق على إجابة كل طالب فيستفيد الطالب من تصويب المعلم له ، ويستفيد الطلاب الآخرون بمعرفة صحة الجواب من عدمه . وعلى المعلم أيضاً أن يتحرى الدقة في التصويب والتخطئة ، وألا يسارع بتخطئة الطالب كلياً إن كان في إجابته شيء من الصحة ، بل عليه أن يشيد بالصحيح ويوضح الخطأ ويبينه ، وينبغي على المعلم أن يختار ألفاظ التخطئة فلا تكون ألفاظاً قاسية أو عبارات ساخرة فتصيب الطالب بإحباط وتمنعه من الإقدام على الإجابة على أسئلة المعلم خوفاً من لسان المعلم السليط وعباراته القاسية ، بل تكون العبارة مخطئة للجواب ولكن في قالب تشجيعي . وإليك بيان ذلك : 1- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً أتى رسول الله r فقال : إني أرى الليلة – فذكر رؤيا ، فعبرها أبو بكر – فقال النبي r : ( أصبت بعضاً ، وأخطأت بعضاً ) فقال : أقسمت عليك يا رسول الله بأبي أنت لتحدثني ، ما الذي أخطأت ، فقال النبي r ( لا تقسم ) . وهنا يتبين لنا بجلاء تعليق النبي r على تعبير أبي بكر للرؤيا ، وأخبره بأن بعضها صحيح وبعضها خطأ وهذا عين الإنصاف أن تذكر ما في الإجابة من صحة أو خطأ ، ثم إن على المعلم أن يبين الخطأ ويوضحه ، وفي المثال السابق لم يذكر النبي r الخطأ ولم يوضحه لما يترتب على ذكره من مفاسد كان الأولى ترك تعبيره ولكن غرضنا هنا هو بيان تقييم الإجابة في حالة الصحة أو الخطأ ، أو بينهما .
2- عن أبي بن كعب قال : أقرأني رسول الله r سورة فبينما أنا في المسجد إذ سمعت رجلاً يقرأها بخلاف قراءتي ، فقلت من أقرأك هذه السورة ؟ فقال : رسول الله r فقلت : لا تفارقني حتى آتي رسول الله r ، فأتيناه فقلت : يا رسول الله إن هذا قد خالف قراءتي في هذه السورة التي علمتني ، قال : اقرأ يا أبي ، فقرأت ، فقال : أحسنت ، فقال للآخر : اقرأ فقرأ بخلاف قراءتي ، فقال له : أحسنت ، ثم قال : يا أبي إنه أنزل على سبعة أحرف ، كلها شاف ، كاف ، قال : فما اختلج في صدري شيء من القرآن بعد . وهنا كان التعليق على قراءة أبي والصحابي الآخر بقوله r أحسنت لكل منهما لأن الصحابيين كليهما قد قرأ قراءة صحيحة ، استوجبت التصحيح ، ولو بعبارة مغايرة لكلمة الصحة بل يكفي أي عبارة تدل على المقصود . الخلاصة: التعليق على إجابة المتعلم ، تفيد المجيب في تصحيح إجابته ، وتفيد الطلاب الآخرين في قبول الإجابة أو رفضها . قد تكون الإجابة صحيحة ، وقد تكون الإجابة صحيحة جزئياً ، وقد تكون خطأ . ولكل إجابة ما يناسبها من عبارات التعليق . الإجابة الخاطئة يراعى فيها نفسية الطالب وروحه المعنوية . لا يلزم أن يتقيد المعلم بلفظ ( صحيح ، خطأ ) بل أي عبارة تدل على المقصود ( كأحسنت ، جيد ، ممتاز ، تحتاج العبارة إلى تصحيح أكثر ، الجواب غير مكتمل .. ونحوه ) . تقرير بمشاركة سيئة تعديل / حذف المشاركة | |
|
| |
نبض قلبي مشرف
عدد المساهمات : 349
| موضوع: رد: المعلم الأول (صلى الله عيه وسلّم) مايو 11th 2011, 02:21 | |
| 20 قول المعلم لا أدري لما لا يدري جزء من العلم لقد عاب الله على الذين يتكلمون بغير علم ، وذمهم في كتابه ، وعلى لسان رسوله r. وذلك لأن القائل بلا علم ، يضل ولا يهدي ، ويفسد ولا يصلح . وقول المرء لا أعلم أو لا أدري لما لا يعلم ولا يدري ، ليس عيباً ، ولا نقصاً في علمه وقدره ، بل هو من تمام العلم . ولما سأل الله رسله يوم القيامة بقوله : ( يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب ) أي ماذا أجابتكم به أممكم ؟ ( قالوا لا علم ) وإنما العلم لك يا ربنا فأنت أعلم منا ( إنك أنت علام الغيوب ) أي تعلم الأمور الغائبة والحاضرة . ولما سأل الله ملائكته بقوله ( وعلم أدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين ، قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ) فلم تستح الملائكة من رد علم المجهول إلى عالمه . والعلم ساحل لا بحر له ، ولا يحيط به إلا من وسع كل شيء علماً جل جلاله . والبشر ، كل البشر بضاعتهم في العلم قليلة ، قال تعالى : ( وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً ) . وإذ1 كان الأمر كذلك فلا حياء ولا عيب أن يقول المعلم أو غيره لا أدري . يقول الماوردي في أدبه : فإذا لم يكن إلى الإحاطة بالعلم سبيل ، فلا عار أن يجهل بعضه ، وإذا لم يكن في جهل بعضه عار ، لم يقبح به أن يقول لا أعلم فيما ليس يعلم . أهـ . وإنما القبح كل القبح ، أن يوهم ويدلس على الناس بكلام خاطئ مغلوط . والطلاب وإن دلس عليهم معلمهم بإعطائهم معلومات خاطئة لينجو من موقف معين ، إلا أنهم سوف يكتشفون ذلك إن عاجلاً أو آجلاً ، ومن ثم تهتز صورته لديهم ، ولا يثقون بعدها بالمعلومات والمواد التي يطرحها عليهم . والمعلم الأول r ، كان يقول لما لا يدري ، لا أدري حتى يأتيه الوحي بذلك ، ولم يمنعه أن يقول تلك المقالة قول حاسد أو منافق! ، فتأمل ذلك وتدبره ، يهون عليك الكثير . 1- قال r : ( لا تخيروني على موسى ، فإن الناس يصعقون ، فأكون أو من يفيق ، فإذا موسى باطش بجانب العرش ، فلا أدري : أكان فيمن صعق فأفاق قبلي ، أو كان ممن استثنى الله ) 2- عن ابن عمر قال : ( جاء رجل إلى النبي r فقال : يا رسول الله أي البقاع خير ؟ قال : لا أدري . فقال : أي البقاع شر ؟ قال : لا أدري . قال سل ربك . فأتاه جبريل r فقال : يا جبريل أي البقاع خير ؟ قال : لا أدري ، قال : أي البقاع شر ؟ قال : لا أدري . فقال : سل ربك فانتفض جبريل انتفاضة كاد يصعق منها محمد r ، وقال : ما أسأله عن شيء ، فقال الله – عز وجل – لجبريل سألك محمد أي البقاع خير ؟ فقلت : لا أدري وسألك أي البقاع شر ؟ فقلت : لا أدري . فأخبره أن خير البقاع المساجد ، وشر البقاع الأسواق . أما تلامذة محمد r فقد ضربوا أروع الأمثلة في التأسي بمعلمهم r ، فهذا أبو بكر الصديق رضي الله عنه يقول : أي سماء تظلني ؟ وأي أرض تقلني ؟ إذا قلت في كتاب الله بغير علم . وهذا ابن سعود رضي الله عنه يقول : إن من العلم أن تقول لما لا تعلم : الله أعلم . قال الله تبارك وتعالى لنبيه r : ( قل ما أسئلكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين ) ، وهذا علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول فيما يرويه عنه الشعبي : إنه خرج عليهم وهو يقول : ما أبردها على الكبد ؟! فقيل له : وما ذلك ؟ قال : أن تقول للشيء لا تعلمه : الله أعلم . وهذا ابن عمر رضي الله عنهما يقول فيما يرويه عنه نافع : أنه سئل عما لا يعلم فقال : لا يعلم فقال لا علم لي به . والكلام في ذكر أقاويل الصحابة والسلف يطول ، وفيما ذكر يكفي ويشفي . قال الراجز :
فإن جهلت ما سئلت عنه
ولم يكن عندك علم منه
فلا تقل فيه بغير فهم
إن الخطأ مزر بأهل العلم
وقل إذا أعياك ذاك الأمر
مالي بما تسأل عنه خبر
فذاك شطر العلم عند العلما
كذاك مازالت تقول الحكما | |
|
| |
نبض قلبي مشرف
عدد المساهمات : 349
| موضوع: رد: المعلم الأول (صلى الله عيه وسلّم) مايو 11th 2011, 02:21 | |
| القائل بلا علم مذموم أبداً في كتاب الله ، وعلى لسان رسوله r . القائل بلا علم ، يفسد ولا يصلح . عدم المعرفة ليس عيباً ولا نقصاً في حق المعلم . الحياء والخجل من قول ( لا أدري ) ليس سبباً مقنعاً في تمرير المعلومات الخاطئة على الطلاب . يجب على المعلم أن يغرس هذا المبدأ في نفوس طلابه ، ويؤكد عليه . قول لا أعلم . جزء من العلم . بل قال عنه أبو الدرداء أنه نصف العلم .
خاتمة وبعد ... .. فإن ما طالعته آنفاً ، جزء يسير من سيرته ، وما تركت أكثر مما ذكرت ، وحسبي أني مهدت السبيل لك ، ودللتك على ينبوع لا ينضب ، ونهر لا يدرى أوله من آخره ، فشمر عن ساعد الجد واستن بمن أمرنا بالاستنان به ، فهو لعمر الله الأسوة الحسنة والسراج المنير . وإنه لمن المؤسف أن يعدل معلمونا عن سنة نبيهم ويطلبوا غيرها وهي دونها بمراحل . ولو تقصينا كثيراً من الآثار النبوية لخرجنا بكم هائل من الفوائد التربوية والتعليمية ، ولكن نشكو إلى الله ضعف همتنا وقلة علمنا . أخي المعلم .. إن الأمة تعلق عليك آمالاً كبيرة , لأنها قدمت لك أغلى ما تملك ، قدمت لك ثمرة فؤادها ، وفلذة كبدها ، فماذا ستفعل فيها ، هل سترعاها وتؤدي ما اؤتمنت عليه ، أم ماذا ؟ ولعل قوله r ( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ) يغني عن كثير من الكلام .. ألا فاتقوا الله في أولاد المسلمين ولا تغشوهم ، وعلموهم العلم والأدب ، وقدموا لهم النصيحة ولا تبخلوا عنهم بشيء فهم عماد المستقبل وعليهم تقوم الأمة . والله أعلم .. وصلى الله وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماُ كثيراً إلى يوم الدين ، والحمد لله رب العالمين في الأولى والآخرة . | |
|
| |
| المعلم الأول (صلى الله عيه وسلّم) | |
|